للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[السجدة] ﴿حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٢)[فصلت: ١، ٢] ﴿حم (١) عسق (٢) كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣)[الشورى: ١ - ٣] وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليه هؤلاء لمن (أنعم) (١) النظر. واللّه أعلم.

وأما من زعم أنها دالة على معرفة المُدد، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم، فقد ادعى ما ليس له؛ وطار في غير مطاره، وقد ورد في ذلك حديث ضعيف (٢)؛ وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته، وهو ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار صاحب "المغازي": حدثني الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، عن جابر بن عبد الله بن رئاب؛ قال: مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله ، وهو يتلو فاتحة سورة البقرة: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود؛ فقال: تعلمون والله، لقد سمعت محمدًا يتلو فيما أنزل (الله) (٣) (تعالى) (٤) عليه: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ فقال: أنت سمعته؟ قال: نعم. قال: فمشى حيي بن أخطب في أولئك النفر من (يهود) (٥) إلى رسول الله ، فقالوا: يا محمد؛ ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل الله عليك: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ فقال رسول الله : "بلى". فقالوا: جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ فقال: "نعم". قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بيَّن لنبي منهم ما مدة ملكه، وما أجل أمته غيرك!

(فقال) (٦) حُيي بن أخطب، وأقبل على من كان معه، فقال لهم: الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون؛ فهذه إحدى وسبعون سنةً؛ أفتدخلون في دين نبيٍّ إنما مدة ملكه، وأجل أمته، إحدى وسبعون سنةً؛ ثم أقبل على رسول الله فقال: يا محمد؛ هل مع هذا غيره؟ فقال: نعم، قال: ما ذاك؟ قال: ﴿المص (١)[الأعراف]. قال: هذا أثقل وأطول، الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والصاد تسعون. فهذه إحدى وثلاثون ومائة سنة. هل مع هذا يا محمد غيره؟ قال: نعم. قال ما ذاك؟ قال: الر. قال: هذا أثقل وأطول؛ الألف واحدة، واللام ثلاثون، والراء مائتان، فهذه إحدى وثلاثون ومائتا سنةً، فهل مع هذا يا محمد غيره؟ قال: "نعم". قال: ماذا؟ قال: ﴿المر﴾ [الرعد: ١] قال: هذا أثقل وأطول؛ الألف واحدة، واللام ثلاثون، والميم أربعون، والراء مائتان؛ فهذه إحدى وسبعون ومائتان.

ثم قال: لقد لبَّس علينا أمرك يا محمد حتَّى ما ندري أقليلًا أعطيت أم كثيرًا. ثم قال: قوموا عنه.


(١) كذا في (ج) و (ع) وأشار إليها في (ى) ووقع في (ز) و (ك) وال) و (ن) و (هـ) و (ي): "أمعن" وأشار إليه ناسخ (ع) وهما بمعنى. والله أعلم.
(٢) بل منكر، أخرجه ابن جرير (٢٤٦) وأطال الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر في نقده (١/ ٢١٨ - ٢٢٥) فراجعه.
(٣) من (ز) و (ع) و (ك) و (ن) و (ي). وفي (ج) و (ل) و (هـ): "أنزل عليه" لما لم يسم فاعله.
(٤) من (ن).
(٥) في (ز) و (ن): "اليهود".
(٦) في (ز): "فقام".