للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العزيز ناصره فهو المنصور وعدوه هو المقهور، قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣)[الصافات] وقال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١)[المجادلة].

﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)﴾.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو الربيع [الزهراني] (١)، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب وهشام، عن محمد قال: قال عثمان بن عفان: فينا نزلت ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ فأخرجنا من ديارنا بغير حق إلا أن قلنا: ربنا الله، ثم مكنا في الأرض، فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة، وأمرنا بالمعروف، ونهينا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور، فهي لي ولأصحابي (٢).

وقال أبو العالية: هم أصحاب محمد (٣).

وقال الصباح بن سوادة الكندي: سمعت عمر بن عبد العزيز يخطب وهو يقول: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ … ﴾ الآية، ثم قال: ألا إنها ليست على الوالي وحده، ولكنها على الوالي والمولى عليه، ألا أنبئكم بما لكم على الوالي من ذلكم، وبما للوالي عليكم منه؟ إن لكم على الوالي من ذلكم أن يؤاخذكم بحقوق الله عليكم، وأن يأخذ لبعضكم من بعض، وأن يهديكم للتي هي أقوم ما استطاع، وإن عليكم من ذلك الطاعة غير المبزوزة ولا المستكره بها، ولا المخالف سرها علانيتها (٤).

وقال عطية العوفي: هذه الآية كقوله: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور: ٥٥].

وقوله: ﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ كقوله تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (١٢٨)[الأعراف: ١٢٨].

وقال زيد بن أسلم: ﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ وعند الله ثواب ما صنعوا (٥).

﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (٤٤) فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)﴾.

يقول تعالى مسليًا لنبيه محمد في تكذيب من خالفه من قومه: ﴿وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ


(١) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صحفت إلى: "المرهداني".
(٢) سنده ضعيف؛ لأن محمد -وهو ابن سيرين- لم يسمع من عثمان ، ومعناه صحيح.
(٣) أخرجه الطبري بسند جيد من طريق الربيع بن أنس عن أبي العالية.
(٤) معناه صحيح، وله شواهد من القرآن والسنة.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.