للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتصدقوا" (١). وفي رواية: "فكلوا وأطعموا وتصدقوا" (٢).

والقول الثاني: أن المضحِّي يأكل النصف ويتصدق بالنصف؛ لقوله في الآية المتقدمة: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: ٢٨]، ولقوله في الحديث: "فكلوا وادخروا وتصدقوا" فإن أكل الكل، فقيل: لا يضمن شيئًا، وبه قال ابن سريج من الشافعية.

وقال بعضهم: يضمنها كلَّها بمثلها أو قيمتها. وقيل: يضمن نصفها. وقيل: ثلثها. وقيل: أدنى جزء منها، وهو المشهور من مذهب الشافعي. وأما الجلود ففي مسند أحمد، عن قتادة بن النعمان في حديث الأضاحي: "فكلوا وتصدقوا، واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها" (٣).

ومن العلماء من رخَّص في بيعها، ومنهم من قال: يقاسم الفقراء ثمنها، والله أعلم.

(مسألة): عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله : "إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس هو من النسك في شيء" أخرجاه (٤)، فلهذا قال الشافعي وجماعة من العلماء: إن أول وقت ذبح الأضاحي إذا طلعت الشمس يوم النحر، ومضى قدر صلاة العيد والخطبتين، زاد أحمد: وأن يذبح الإمام بعد ذلك لما جاء في صحيح مسلم: "وأن لا تذبحوا حتى يذبح الإمام" (٥).

وقال أبو حنيفة: أما أهل السواد من القرى ونحوهم فلهم أن يذبحوا بعد طلوع الفجر إذ لا صلاة عيد تشرع عنده لهم، وأما أهل الأمصار فلا يذبحوا حتى يصلي الإمام، والله أعلم.

ثم قيل: لا يشرع بالذبح إلا يوم النحر وحده.

وقيل: يوم النحر لأهل الأمصار لتيسر الأضاحي عندهم، وأما أهل القرى فيوم النحر وأيام التشريق بعده، وبه قال سعيد بن جبير.

وقيل: يوم النحر ويوم بعده للجميع.

وقيل: ويومان بعده، وبه قال الإمام أحمد.

وقيل: يوم النحر وثلاثة أيام التشريق بعده، وبه قال الشافعي لحديث جبير بن مطعم: أن رسول الله قال: "أيام التشريق كلها ذبح" رواه أحمد وابن حبان (٦).


(١) أخرجه مسلم من حديث عائشة (الصحيح، الأضاحي، باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي .. ح ١٩٧١) وينظر: تحفة الأشراف (١٢/ ٤٠٩ - ٤١٠ ح ١٧٩٠١).
(٢) أخرجه البخاري عن سلمة بن الأكوع بلفظ: "كلوا وأطعموا وادخروا"، (صحيح البخاري، الأضاحي، باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي ح ٥٥٦٩).
(٣) أخرجه الإمام أحمد وضعف سنده محققوه (المسند ٢٦/ ١٤٧، ١٤٨ ح ١٦٢١٠).
(٤) صحيح البخاري، الأضاحي، باب سنة الأضحية (ح ٥٥٤٥)، وصحيح مسلم، الأضاحي، باب وقتها (ح ١٩٦١/ ٧).
(٥) أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله بلفظ: "فأمر النبي من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي " (ح ١٩٦٤).
(٦) أخرجه الإمام أحمد، وقال محققوه: حديث صحيح لغيره (المسند ٢٧/ ٣١٦ ح ١٦٧٥١)، وأخرجه ابن حبان (الإحسان ح ٣٨٥٤)، وقال الهيثمي: ورجال أحمد وغيره ثقات (مجمع الزوائد ٤/ ٢٨).