للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قتادة وإبراهيم النخعي ومجاهد في رواية عنه (١). وقال ابن عباس وعكرمة وزيد بن أسلم وابن الكلبي والحسن البصري ومقاتل بن حيان ومالك بن أنس: ﴿الْقَانِعَ﴾: هو الذي يقنع إليك ويسألك، ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الذي يعتريك يتضرع ولا يسألك، وهذا لفظ الحسن (٢).

وقال سعيد بن جبير: ﴿الْقَانِعَ﴾: هو السائل، قال: أما سمعت قول الشماخ (٣):

لمالُ المرءِ يصلحه فيُغني … مفاقِره أعفُّ من القنوع (٤)

قال: يغني من السؤال، وبه قال ابن زيد (٥).

وقال زيد بن أسلم: ﴿الْقَانِعَ﴾: المسكين الذي يطوف، ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الصديق والضعيف الذي يزور (٦)، وهو رواية عن ابنه [عبد الرحمن بن زيد] (٧) أيضًا. وعن مجاهد أيضًا: ﴿الْقَانِعَ﴾: جارك الغني الذي يبصر ما يدخل بيتك، ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: الذي يعتريك من الناس (٨)، وعنه: أن ﴿الْقَانِعَ﴾ هو الطامع، ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: هو الذي يعتر بالبدن من غني أو فقير (٩)، وعن عكرمة نحوه (١٠) وعنه: ﴿الْقَانِعَ﴾ أهل مكة (١١).

واختار ابن جرير: أن ﴿الْقَانِعَ﴾: هو السائل؛ لأنه من أقنع بيده إذا رفعها للسؤال، ﴿وَالْمُعْتَرَّ﴾: من الاعتراء، وهو الذي يتعرض لأكل اللحم. وقد احتج بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الأضحية تجزأ ثلاثة أجزاء: فثلث لصاحبها يأكله، وثلث يهديه لأصحابه، وثلث يتصدق به على الفقراء؛ لأنه تعالى قال: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾.

وفي الحديث الصحيح: أن رسول الله قال للناس: "إني كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فكلوا وادخروا ما بدا لكم" (١٢). وفي رواية: "فكلوا وادخروا


(١) قول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه، وقول مجاهد وإبراهيم أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق منصور عنهما.
(٢) قول ابن عباس عزاه السيوطي إلى ابن المنذر، وقول زيد بن أسلم أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد الله بن عياش عنه، وقول الحسن أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق يونس عنه.
(٣) ديوان الشماخ ص ٢٢١.
(٤) أخرجه الطبري بسند فيه شريك عن فرات القزاز عن سعيد بن جبير، وأخرجه الثوري وابن أبي شيبة (المصنف ١٠/ ٤٧٥)، من طريق شريك به دون الاستشهاد بالشعر.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله بن وهب عنه بمعناه.
(٦) أخرجه الطبري من طريق ابن أبي هلال عن زيد بن أسلم، وابن أبي هلال هو سعيد الليثي فيه مقال (ينظر: التقريب ص ٢٤٢).
(٧) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف: "عبد الله بن زيد".
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ليث، وهو ابن أبي سليم وفيه مقال، عن مجاهد.
(٩) أخرجه آدم ابن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(١٠) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق فيه الحسين، وهو ابن داود ضعيف.
(١١) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير.
(١٢) أخرجه مسلم من حديث بريدة (الصحيح، الجنائز، باب استئذان النبي ربه في زيارة قبر أمه ح ٩٧٧).