للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تهدى إلى بيته الحرام؛ بل هي أفضل ما يهدى إليه، كما قال تعالى: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ. . .﴾ الآية [المائدة: ٢]، قال ابن جريج: قال عطاء في قوله: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ قال: البقرة والبعير (١)، وكذا روي عن ابن عمر (٢)، وسعيد بن المسيب (٣)، والحسن البصري (٤).

وقال مجاهد: وإنما البدن من الإبل (٥).

قلت: أما إطلاق البدنة على البعير فمتفق عليه، واختلفوا في صحة إطلاق البدنة على البقرة على قولين: أصحهما أنه يطلق عليها ذلك شرعًا، كما صحَّ الحديث.

ثم جمهور العلماء على أنه تجزئ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، كما ثبت به الحديث عند مسلم من رواية جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله أن نشترك في الأضاحي البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة (٦).

وقال إسحاق بن راهويه وغيره: بل تجزئ البقرة والبعير عن عشرة، وقد ورد به حديث في مسند الإمام أحمد وسنن النسائي وغيرهما (٧)، فالله أعلم.

وقوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ أي: ثواب في الدار الآخرة، وعن سليمان بن يزيد الكعبي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله قال: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملًا أحبّ إلى الله من إهراق دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسًا" رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه (٨).

وقال سفيان الثوري: كان [أبو حازم] (٩) يستدين ويسوق البدن، فقيل له: تستدين وتسوق البدن؟ فقال: إني سمعت الله يقول لكم: ﴿لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾.

وعن ابن عباس: قال رسول الله : "ما أُنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم


(١) أخرجه البستي والطبري بسند حسن من طريق ابن جريج به.
(٢) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) عزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة.
(٤) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم بلفظ: "البدن من البقر".
(٥) أخرجه البُستي بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) صحيح مسلم، الحج، باب حجة النبي (ح ١٢١٨).
(٧) أخرجه الإمام أحمد (المسند ١/ ٢٧٥)، والنسائي (السنن، الضحايا، باب ما تجزي عنه البدنة في الضحايا ٧/ ٢٢٢) كلاهما من طريق حسين بن واقد عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس قال: كنا مع النبي في سفر، فحضر النحر فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة. قال البيهقي: حديث عكرمة يتفرد به الحسين بن واقد عن علباء بن أحمر، وحديث جابر أصح منه (ينظر: الإكمال للحسيني ١٩٥)، وحسين بن واقد ثقة لكن له أوهام (التقريب ص ١٦٩).
(٨) أخرجه الترمذي (السنن، الأضاحي، باب ما جاء في فضل الأضحية ح ١٤٩٣)، وابن ماجه (السنن، الأضاحي، باب ثواب الأضحية ح ٣١٢٦) كلاهما من طريق أبي المثنى، وهو سليمان بن يزيد الكعبي، به، وسنده ضعيف لضعف سليمان بن يزيد (التقريب ٦٧٠).
(٩) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صُحف إلى: "أبو حاتم".