للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي رواية لمسلم، عن جابر، عن رسول الله أنه قال: "اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها" (١) وقال شعبة: عن زهير بن أبي ثابت الأعمى، عن المغيرة بن حَذف، عن علي: أنه رأى رجلًا يسوق بدنة ومعها ولدها فقال: لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها، فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها (٢).

وقوله: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ أي: محل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق، وهو الكعبة، كما قال تعالى: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥]، وقال: ﴿وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [الفتح: ٢٥]، وقد تقدم الكلام على معنى البيت العتيق قريبًا (٣)، ولله الحمد.

وقال ابن جريج، عن عطاء: كان ابن عباس يقول: كلُّ من طاف بالبيت فقد حلَّ، قال الله تعالى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ (٤).

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (٣٤) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٥)﴾.

يخبر تعالى أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعًا في جميع الملل.

وقال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾ قال: عيدًا (٥). وقال عكرمة: ذبحًا (٦). وقال زيد بن أسلم في قوله: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا﴾: إنها مكة، لم يجعل الله لأمة قط منسكًا غيرها. وقوله: ﴿لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ كما ثبت في الصحيحين عن أنس قال: أتى رسول الله بكبشين أملحين أقرنين، فسمى وكَبَّر ووضع رجله على صفاحهما (٧).

وقال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا سلام بن مسكين، عن عائذ الله المجاشعي، عن أبي داود -وهو [نفيع] (٨) بن الحارث-، عن زيد بن أرقم قال: قلت -أو قالوا: - يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: "سنة أبيكم إبراهيم" قالوا: ما لنا منها؟ قال: "بكل شعرة حسنة" قال: فالصوف؟ قال: "بكل شعرة من الصوف حسنة" (٩). وأخرجه الإمام أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في سننه من حديث سلام بن مسكين به (١٠).


(١) صحيح مسلم، الباب السابق (ح ١٣٢٤).
(٢) المغيرة بن حذف: لم أجد له ترجمة، ومتنه غريب في ذبح ولد البدنة.
(٣) آية ٢٩.
(٤) أخرجه مسلم بنحوه من طريق ابن جريج به (الصحيح، الحج، باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام ح ١٢٤٥).
(٥) (٦) عزاهما السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٧) صحيح البخاري، الأضاحي، باب من ذبح الأضاحي بيده (ح ٥٥٥٨)، وصحيح مسلم، الأضاحي، باب استحباب الضحية (ح ١٩٦٦).
(٨) كذا في (ح) و (حم) والمسند، وفي الأصل صُحف إلى: "منيع".
(٩) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: إسناده ضعيف جدًا (المسند ٣٢/ ٣٤ ح ١٩٢٨٣).
(١٠) السنن، الأضاحي، باب ثواب الأضحية (ح ٣١٢٧).