للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خلف الغنم ولا تتبع لضعفها، والكسراء العرجاء، فهذه العيوب كلها مانعة [من الإجزاء.

فأما إن طرأ العيب] (١) بعد تعيين الأضحية فإنه لا يضر عند الشافعي خلافًا لأبي حنيفة، وقد روى الإمام أحمد، عن أبي سعيد قال: اشتريت كبشًا أضحي به، فعدا الذئب فأخذ الألية، فسألت النبي فقال: "ضحِّ به" (٢).

ولهذا جاء في الحديث: أمرنا النبي أن نستشرف العين والأذن (٣)؛ أي أن تكون الهدية أو الأضحية سمينة حسنة ثمينة، كما رواه الإمام أحمد وأبو داود، عن عبد الله بن عمر قال: أهدى عمر نجيبًا فأعطي بها ثلثمائة دينار، فأتى النبي فقال: يا رسول الله إني أهديت نجيبًا فأعطيت بها ثلثمائة دينار، أفأبيعها وأشتري بثمنها بدنًا؟ قال: "لا، انحرها إياها" (٤).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: البدن من شعائر الله (٥).

وقال محمد بن أبي موسى: الوقوف ومزدلفة والجمار والرمي والحلق والبدن من شعائر الله (٦).

وقال ابن عمر: أعظم الشعائر البيت (٧).

وقوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ أي: لكم في البدن منافع من لبنها وصوفها وأوبارها وأشعارها وركوبها ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾. قال مقسم، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: ما لم تسم بُدْنًا (٨).

وقال مجاهد في قوله: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: الركوب واللبن والولد، فإذا سميت بدنة أو هديًا ذهب ذلك كله (٩)، وكذا قال عطاء والضحاك وقتادة وعطاء الخراساني وغيرهم (١٠).

وقال آخرون: بل له أن ينتفع بها وإن كانت هديًا إذا احتاج إلى ذلك، كما ثبت في الصحيحين عن أنس: أن رسول الله رأى رجلًا يسوق بدنة قال: "اركبها" قال: إنها بدنة.

قال: "اركبها ويحك" في الثانية أو الثالثة (١١).


(١) استدرك من (ح) و (حم)، وفي الأصل بياض.
(٢) أخرجه الإمام أحمد (المسند ١٧/ ٣٧٤ ح ١١٢٧٤)، وضعف سنده محققوه لضعف جابر الجعفي.
(٣) تقدم تخريجه قبل أربع روايات.
(٤) أخرجه الإمام أحمد (المسند ١٠/ ٤٠٣ ح ٦٣٢٥)، وضعفه محققوه لجهالة رجل فيه اسمه: جهم بن الجارود.
(٥) سنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يلق ابن عباس، ومعناه صحيح.
(٦) أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٤/ ٢٩٤)، والطبري بسند حسن من طريق داود بن أبى هند عن محمد بن أبي موسى.
(٧) لم أجد تخريجه ومعناه صحيح.
(٨) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق محمد بن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن مقسم به.
(٩) أخرجه سفيان الثوري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(١٠) قول عطاء أخرجه الطبري بسند حسن من طريق حجاج عنه، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق جويبر عنه، وقول قتادة أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه.
(١١) صحيح البخاري، الحج، باب ركوب البُدن (ح ١٦٩٠)، وصحيح مسلم، الحج، باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها (ح ١٣٢٣).