للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد ضرب تعالى للمشركين مثلًا آخر في سورة الأنعام، وهو قوله: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى. . .﴾ الآية [الأنعام: ٧١].

﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)﴾.

يقول تعالى هذا ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ أي: أوامره ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ ومن ذلك تعظيم الهدايا والبُدن، كما قال الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: تعظيمها استسمانها واستحسانها (١).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا حفص بن غياث، عن ابن أبي ليلى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ قال: الاستسمان والاستحسان والاستعظام (٢).

وقال أبو أُمامة بن سهل: كنا نسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون، رواه البخاري (٣).

وعن أبي هُريرة: أن رسول الله قال: "دم عفراء أحبُّ إلى الله من دم سوداوين" رواه أحمد (٤) وابن ماجه، قالوا: والعفراء: هي البيضاء بياضًا ليس بناصع، فالبيضاء أفضل من غيرها، وغيرها يجزئ أيضًا لما ثبت في صحيح البخاري، عن أنس أن رسول الله ضحى بكبشين أملحين أقرنين (٥).

وعن أبي سعيد: أن رسول الله ضحّى بكبش أقرن كحيل، يأكل في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد، رواه أهل السنن وصححه الترمذي (٦)؛ أي فيه نكتة سوداء في هذه الأماكن.

وفي سنن ابن ماجه، عن أبي رافع: أن رسول الله ضحّى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين (٧). قيل: هما الخَصِيان، وقيل: اللّذان رُضَّ خُصياهما ولم يقطعهما، والله أعلم.


(١) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق محمد ابن أبي ليلى عن الحكم به، ويشهد له ما يليه.
(٢) سنده حسن ويشهد له ما يليه.
(٣) أخرجه البخاري تعليقًا الصحيح، الأضاحي، باب أضحية النبي بكبشين أقرنين، ووصله أبو عوانة في مسنده الصحيح، كما قاله الحافظ ابن حجر وصحح سنده (تغليق التعليق ٥/ ٤).
(٤) (المسند ١٥/ ٢٣٥ ح ٩٤٠٤)، وضعف سنده محققه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم ١٨٦١).
(٥) صحيح البخاري، الأضاحي، باب أضحية النبي (ح ٥٥٥٣).
(٦) سنن أبي داود، الضحايا، باب ما يستحب من الضحايا (ح ٢٧٩٦)، وسنن الترمذي، الأضاحي، باب ما يستحب من الأضاحي (ح ١٤٩٦)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث حفص بن غياث، وسنن النسائي، الضحايا، الكبش ٧/ ٢٢١، وسنن ابن ماجه، الاْضاحي، باب ما يستحب من الأضاحي (ح ٣١٢٨)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٥٣٤).
(٧) أخرجه ابن ماجه من حديث عائشة وأبي هريرة (السنن، الأضاحي، باب أضاحي رسول الله ح ٣١٢٢) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ٢٥٣١).