للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عمار، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن أبيه، عن الجريري، عن أبي عثمان ﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ قال: حيات على الصراط تلسعهم، فإذا لسعتهم قال: حَس حَس (١).

وقوله: ﴿وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ﴾ فسلمهم من المحذور والمرهوب، وحصل لهم المطلوب والمحبوب.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي سريج، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، عن ليث بن أبي سُليم، عن ابن عم النعمان بن بشير، عن النعمان بن بشير قال: وسمر مع علي ذات ليلة، فقرأ ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)﴾ قال: أنا منهم، وعمر منهم، وعثمان منهم، والزبير منهم، وطلحة منهم، وعبد الرحمن منهم، أو قال: سعد منهم، قال: أقيمت الصلاة، فقام وأظنه يجر ثوبه وهو يقول: ﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ (٢).

وقال شعبة، عن أبي بشر، عن يوسف المكي، عن محمد بن حاطب قال: سمعت عليًا يقول في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ قال: عثمان وأصحابه، ورواه ابن أبي حاتم أيضًا، ورواه ابن جرير من حديث يوسف بن سعد، وليس بابن ماهك، عن محمد بن حاطب، عن علي … فذكره ولفظه: عثمان منهم (٣). وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)﴾: فأولئك أولياء الله يمرون على الصراط مرًا هو أسرع من البرق، ويبقى الكفار فيها جثيًا (٤). فهذا مطابق لما ذكرناه، وقال آخرون: بل نزلت استثناء من المعبودين، وخرج منهم عزير والمسيح، كما قال حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (٩٨)﴾ ثم استثنى فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ فيقال: هم الملائكة وعيسى، ونحو ذلك مما يعبد من دون الله ﷿ (٥)، وكذا قال عكرمة والحسن وابن جريج (٦).

وقال الضحاك، عن ابن عباس في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ قال: نزلت في عيسى ابن مريم وعزير (٧). وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسين بن عيسى بن


(١) سنده مرسل.
(٢) في سنده ليث فيه مقال، ومتنه فيه غرابة؛ لأنه يستبعد أن يقول الصحابي الجليل النعمان بن بشير : أنا منهم.
(٣) أخرجه الطبري من طريق أبي بشر عن يوسف بن سعد به، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق أبي بشر عن يوسف بن سعد به، وسنده صحيح.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) سنده حسن بما يليه، وقوله: "هم الملائكة وعيسى" له شاهد، أخرجه الطبري وآدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٦) قول عكرمة والحسن أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد، وهو محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف.
(٧) سنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس.