للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ قال ابن عباس: أي: وقودها (١). يعني: كقوله: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [البقرة: ٢٤].

وقال ابن عباس أيضًا: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ يعني: شجر جهنم (٢)، وفي رواية قال: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ يعني: حطب جهنم بالزنجية (٣).

وقال مجاهد وعكرمة وقتادة: حطبها (٤)، وهي كذلك في قراءة علي وعائشة (٥).

وقال الضحاك: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾؛ أي ما يرمى به فيها (٦)، وكذا قال غيره، والجميع قريب.

وقوله: ﴿أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾ أي: داخلون

﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا﴾ يعني: لو كانت هذه الأصنام والأنداد التي اتخذتموها من دون الله آلهة صحيحة لما وردوا النار وما دخلوها ﴿وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ أي: العابدون ومعبوداتهم كلهم فيها خالدون

﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ﴾ كما قال تعالى: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦] والزفير: خروج أنفاسهم، والشهيق: ولوج أنفاسهم ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾.

قال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطنافسي، حدثنا ابن فضيل، حدثنا عبد الرحمن - يعني: المسعودي -، عن أبيه قال: قال ابن مسعود: إذا بقي من يخلد في النار جعلوا في توابيت من نار فيها مسامير من نار، فلا يرى أحد منهم أنه يعذب في النار غيره، ثم تلا عبد الله: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠)(٧). ورواه ابن جرير من حديث حجاج بن محمد، عن المسعودي، عن يونس بن خبّاب، عن ابن مسعود … فذكره (٨).

وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ قال عكرمة: الرحمة (٩).

وقال غيره: السعادة ﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ لما ذكر تعالى أهل النار وعذابهم بسبب شركهم بالله، عطف بذكر السعداء من المؤمنين بالله ورسله، وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة وأسلفوا الأعمال الصالحة في الدنيا، كما قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] وقال: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (٦٠)[الرحمن] فكما أحسنوا العمل في الدنيا أحسن الله مآبهم وثوابهم، ونجاهم من العذاب وحصل لهم جزيل الثواب، فقال: ﴿أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (١٠١)

﴿لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ أي: حريقها في الأجساد.


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس ويتقوى بما يليه.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٤) قول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول عكرمة أخرجه البستي بسند صحيح من طريق عبد الملك بن أبجر الكوفي عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٥) ذكره الطبري تعليقًا، وذكره الفراء (معاني القرآن ٢/ ٢١٢).
(٦) أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك.
(٧) سنده حسن.
(٨) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده منقطع لأن يونس لم يسمع ابن مسعود، ويتقوى بسابقه.
(٩) لم أجد من أخرجه، ومعناه صحيح فصيح.