للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال ابن أبي حاتم: أنبأنا يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد أن رسول الله قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا" قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله؟ قال: "بركات الأرض" (١).

وقال قتادة والسدي: ﴿زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾؛ يعني: زينة الحياة الدنيا (٢).

وقال قتادة: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لنبتليهم (٣).

وقوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ أي: استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة، واصبر أنت على فعلها، كما قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ [التحريم: ٦].

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ، وكان له ساعة من الليل يصلي فيها، فربما لم يقم، فنقول: لا يقوم الليلة كما كان يقوم، وكان إذا استيقظ أقام؛ يعني: أهله، وقال: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ (٤).

وقوله: ﴿لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾ يعني: إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق في حيث لا تحتسب، كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق]، وقال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)[الذاريات]، ولهذا قال: ﴿لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾.

وقال الثوري: ﴿لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا﴾ أي: لا نكلفك الطلب.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا حفص بن غياث، عن هشام، عن أبيه: أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفًا، فإذا رجع إلى أهله، فدخل الدار قرأ ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ إلى قوله: ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾ ثم يقول: الصلاة، الصلاة، رحمكم الله (٥).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا [عبد الله بن أبي زياد القطواني] (٦)، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، عن ثابت قال: كان النبي إذا أصابه خصاصة نادى أهله: يا أهلاه صلُّوا، صلُّوا. قال ثابت: وكان الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة (٧).

وقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث عمران بن زائدة، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "يقول الله تعالى: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك


(١) سنده صحيح، أخرجه مسلم من طريق ابن وهب به (الصحيح، الزكاة، باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا ح ١٠٥٢/ ١٢٢)، وأخرجه البخاري بلفظ: "إنما أخشى عليكم من بعدي أن يفتح عليكم من بركات الأرض ثم ذكر زهرة الدنيا"، (صحيح البخاري، الجهاد، باب فضل النفقة في سبيل الله ح ٢٨٤٢).
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري كسابقه.
(٤) سنده حسن، وأخرجه الطبري من طريق هشام بن سعد به.
(٥) سنده حسن، وأخرجه الطبري من طريق هشام بن عروة به.
(٦) كذا في ترجمته في التقريب، وفي الأصل صحف إلى: "عبد الله بن زياد البطراني"، وفي (ح) و (حم): "عبد الله بن أبي زياد القطراني".
(٧) سنده مرسل؛ لأن ثابت هو ابن أسلم البناني، وهو تابعي.