للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك، وقيل: الذي لا نبات فيه، والأول أولى، وإن كان الآخر مرادًا أيضًا باللازم، ولهذا قال: ﴿لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)﴾ أي: لا ترى في الأرض يومئذٍ واديًا ولا رابية ولا مكانًا منخفضًا ولا مرتفعًا، كذا قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن البصري والضحاك وقتادة وغير واحد من السلف (١).

﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ﴾ أي: يوم يرون هذه الأحوال والأهوال يستجيبون مسارعين إلى الداعي حيثما أمروا بادروا إليه، ولو كان هذا في الدنيا لكان أنفع لهم ولكن حيث لا ينفعهم، كما قال تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾ [مريم: ٣٨]، وقال: ﴿مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)[القمر].

وقال محمد بن كعب القرظي: يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة، ويطوي السماء، وتتناثر النجوم، وتذهب الشمس والقمر، وينادي منادٍ، فيتبع الناس الصوت يؤمّونه، فذلك قوله: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ﴾ (٢).

[وقال قتادة: ﴿لَا عِوَجَ لَهُ﴾ لا يميلون عنه.

وقال أبو صالح: لا عوج له أي: لا عوج عنه] (٣) (٤).

وقوله: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ قال ابن عباس: سكنت (٥)، وكذا قال السدي ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ قال سعيد بن جبير، عن عباس: يعني وطء الأقدام (٦)، وكذا قال عكرمة ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس وقتادة وابن زيد وغيرهم (٧).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ الصوت الخفي (٨)، وهو رواية عن عكرمة والضحاك (٩). وقال سعيد بن جبير: ﴿فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ الحديث وسره ووطء الأقدام (١٠)، فقد جمع سعيد كلا القولين، وهو محتمل، أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس


(١) قول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عنه، وقول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول الضحاك أخرجه البستي بسند ضعيف من طريق جويبر عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٣) ما بين معقوفين زيادة من (ح) و (حم).
(٤) قول قتادة وأبي صالح عزاهما السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق علي بن عابس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير به، وعلي بن عابس ضعيف كما في التقريب. ويتقوى بما يلي عن التابعين وعن ابن عباس.
(٧) أخرجه الطبري بأسانيد ثابتة عن عكرمة وقتادة والحسن وابن زيد، ولكن ما ورد عن مجاهد بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه بلفظ: "خفض الصوت"، وقد ورد عن مجاهد بلفظ: "نقل الأقدام" ولكنه لم يصح لأن البستي أخرجه من طريق رجل مجهول.
(٨) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٩) قول الضحاك أخرجه البستي بسند حسن من طريق عبيد بن سليمان عنه.
(١٠) نسبه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.