للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحمل جبريل موسى خلفه حتى إذا دنا من باب السماء صعد وكتب الله الألواح، وهو يسمع صرير الأقلام في الألواح، فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده، قال: نزل موسى فأخذ العجل فأحرقه (١). غريب.

وقال مجاهد: ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ قال: من تحت حافر فرس جبريل (٢)، قال: والقبضة ملء الكف، والقبضة بأطراف الأصابع، قال مجاهد: نبذ السامري؛ أي ألقى ما كان في يده على حلية بني إسرائيل، فانسبك عجلًا جسدًا له خوار حفيف الريح فيه فهو خواره.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن يحيى، أخبرنا علي بن المديني، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا عمارة، حدثنا عكرمة أن السامري رأى الرسول، فألقي في روعه أنك إن أخذت من أثر هذا الفرس قبضة فألقيتها في شيء فقلت له: كن فكان، فقبض قبضة من أثر الرسول فيبست أصابعه على القبضة، فلما ذهب موسى للميقات، وكان بنو إسرائيل قد استعاروا حلي آل فرعون، فقال لهم السامري: إنما أصابكم من أجل هذا الحلي، فاجمعوه فجمعوه، فأوقدوا عليه فذاب، فرآه السامري فألقي في روعه أنك لو قذفت هذه القبضة في هذه فقلت: كن فيكون، فقذف القبضة وقال: كن، فكان عجلًا جسدًا له خوار، فقال: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾ (٣) [طه: ٨٨]. ولهذا قال: ﴿فَنَبَذْتُهَا﴾ أي: ألقيتها مع من ألقى ﴿وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ أي: حسّنته وأعجبها، إذ ذاك ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ أي: كما أخذت ومسست ما لم يكن لك أخذه ومسه من أثر الرسول فعقوبتك في الدنيا أن تقول: لا مساس، أي لا تماسّ الناس ولا يمسونك ﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا﴾ أي: يوم القيامة ﴿لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ أي: لا محيد لك عنه.

وقال قتادة: ﴿أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾ قال: عقوبة لهم وبقاياهم اليوم يقولون: لا مساس (٤).

وقوله: ﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ﴾ قال الحسن وقتادة وأبو نَهيك: لن تغيب عنه (٥).

وقوله: ﴿وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ﴾ أي: معبودك ﴿الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا﴾ أي: أقمت على عبادته يعني: العجل ﴿لَنُحَرِّقَنَّهُ﴾ قال الضحاك، عن ابن عباس (٦) والسدي: سحله بالمبارد وألقاه على النار (٧). وقال قتادة: استحال العجل من الذهب لحمًا ودمًا، فحرقه بالنار (٨)، ثم ألقى رماده في البحر، ولهذا قال: ﴿ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا﴾. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا


(١) في سنده عبيد الله بن موسى والسدي كلاهما من الشيعة، وروايتهما عن علي ، والرواية من الإسرائيليات، وقد استغرب متنه الحافظ ابن كثير، وهو كما قال.
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) عمارة هو ابن أبي حفصة، يروي عن عكرمة ويروي عنه يزيد بن زريع، وهو ثقة (تهذيب التهذيب ٧/ ٤١٥). والخبر من الإسرائيليات.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٥) ذكره الطبري معلقًا عنهم ثلاثتهم ثم أسنده عن قتادة وأبي نَهيك، وهذا التفسير على قراءة "لن تُخلِفه" بضم التاء وكسر اللام، وهي قراءة متواترة.
(٦) سنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يلقَ ابن عباس.
(٧) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي بلفظ: "ثم حرقه بالمبرد".
(٨) عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم بلفظ: "وكان له لحم ودم! ".