للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفتون عن ابن عباس، وبه قال مجاهد (١).

وقال سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: ﴿فَنَسِيَ﴾ أي: نسي أن يذكركم أن هذا إلهكم (٢).

وقال محمد بن إسحاق، عن [حكيم بن جبير] (٣)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس فقال: ﴿هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى﴾ قال: فعكفوا عليه وأحبوه حبًا لم يحبوا شيئًا قط؛ يعني مثله، يقول الله: ﴿فَنَسِيَ﴾ أي: ترك ما كان عليه من الإسلام؛ يعني: السامري (٤).

قال الله تعالى ردًّا عليهم وتقريعًا لهم وبيانًا لفضيحتهم وسخافة عقولهم فيما ذهبوا إليه: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (٨٩)﴾ أي: العجل، أفلا يرون أنه لا يجيبهم إذا سألوه ولا إذا خاطبوه، ﴿وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ أي: في دنياهم ولا في أخراهم.

قال ابن عباس : لا والله ما كان خواره إلا أن يدخل الريح في دبره. فيخرج من فمه فيسمع له صوت، وقد تقدم في [حديث الفتون] (٥) عن الحسن البصري أن هذا العجل اسمه بهموت، وحاصل ما اعتذر به هؤلاء الجهلة أنهم تورعوا عن زينة القبط فألقوها عنهم وعبدوا العجل، فتورعوا عن الحقير وفعلوا الأمر الكبير، كما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر أنه سأله رجل من أهل العراق عن دم البعوض إذا أصاب الثوب؛ يعني: هل يصلي فيه أم لا؟ فقال ابن عمر : انظروا إلى أهل العراق، قتلوا ابن بنت رسول الله يعني: الحسين -، وهم يسألون عن دم البعوضة (٦).

﴿وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (٩٠) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (٩١)﴾.

يخبر تعالى عما كان من نهي هارون لهم عن عبادة العجل وإخباره إياهم، إنما هذا فتنة ربكم وإن ربكم الرحمن الذي خلق كل شيء فقدره تقديرًا، ذو العرش المجيد الفعال لما يريد ﴿فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي﴾ أي: فيما آمركم به، واتركوا ما أنهاكم عنه،

﴿قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (٩١)﴾ أي: لا نترك عبادته حتى نسمع كلام موسى فيه، وخالفوا هارون في ذلك وحاربوه وكادوا أن يقتلوه.

﴿قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (٩٣) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤)﴾.

يخبر تعالى عن موسى رجع إلى قومه، فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم،


(١) أخرجه آدم والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٢) سنده حسن.
(٣) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صحف إلى: "حكيم بن جرير".
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف، فيه ابن حميد، وهو محمد بن حميد الرازي، وهو ضعيف، وفيه ابن إسحاق لم يصرح بالسماع، وحكيم بن جبير: ضعيف (التقريب ص ١٧٦).
(٥) كذا في (ح) و (حم)، وفي الأصل صحفت إلى: "متون الحديث".
(٦) أخرجه البخاري (الصحيح، الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ح ٥٩٩٤).