للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: من نفسه (١)، وكذا قال مجاهد وأبو صالح ويحيى بن رافع (٢).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ يقول: لا أطلع عليها أحدًا غيري (٣).

وقال السدي: ليس أحد من أهل السماوات والأرض إلا قد أخفى الله تعالى عنه علم الساعة، وهي في قراءة ابن مسعود (إني أكاد أخفيها من نفسي)، يقول: كتمتها عن الخلائق حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي لفعلت (٤).

وقال قتادة: أكاد أخفيها، وهي في بعض القراءات: (أخفيها من نفسي)، ولعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين (٥). قلت: وهذا كقوله تعالى: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل: ٦٥].

وقال: ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾ [الأعراف: ١٨٧] أي: ثقل علمها على أهل السماوات والأرض.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا منجاب، حدثنا أبو تميلة، حدثني محمد بن سهل الأسدي، عن وِقاء، قال: أقرأنيها سعيد بن جبير: (أكاد أَخفِيها)، يعني: بنصب الألف وخفض الفاء، يقول: أظهرها، ثم قال: أما سمعت قول الشاعر (٦):

دأبَ شهرين ثم شهرًا دميكًا … بأريكين يخفيان غميرًا (٧)

قال السدي: الغمير: نبت رطب ينبت في خلال يبس، والأريكين: موضع، والدميك: الشهر التام، وهذا الشعر لكعب بن زهير.

وقوله : ﴿لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾ أي: أقيمها لا محالة لأجزي كل عامل بعمله ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)[الزلزلة]، ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الطور: ١٦].

وقوله: ﴿فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا. . .﴾ الآية، المراد بهذا الخطاب آحاد المكلفين؛ أي لا تتبعوا سبيل من كذب بالساعة، وأقبل على ملاذه في دنياه، وعصى مولاه واتبع هواه، فمن وافقهم على ذلك فقد خاب وخسر ﴿فَتَرْدَى﴾ أي: تهلك وتعطب، قال الله تعالى: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)[الليل].


(١) أخرجه الطبري بسند فيه ابن حميد، وهو محمد بن حميد الرازي: ضعيف ويشهد له المراسيل التالية.
(٢) قول مجاهد أخرجه آدم بن أبي إياس والطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عنه، وقول أبي صالح أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عنه.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به بلفظ: "لا ظهر عليها أحدًا غيري".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن أبي حاتم.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٦) هو كعب بن زهير كما صرح الحافظ ابن كثير، والبيت في ديوانه ص ١٧٤.
(٧) في سنده وقاء، وهو ابن إياس الأسدي الكوفي: لين الحديث (التقريب ص ٥٨١)، ويتقوى بما سبق.