للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾ [القصص: ٣٠] وقال ههنا: ﴿إِنِّي أَنَا رَبُّكَ﴾ أي: الذي يكلمك ويخاطبك ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ﴾ قال [علي بن أبي طالب] (١) وأبو ذر وأبو أيوب وغير واحد من السلف (٢): كانتا من جلد حمار غير ذكي، وقيل: إنما أمره بخلع نعليه تعظيمًا للبقعة. وقال سعيد بن جبير: كما يؤمر الرجل أن يخلع نعليه إذا أراد أن يدخل الكعبة، وقيل: ليطأ الأرض المقدسة بقدميه حافيًا غير منتعل، وقيل غير ذلك، والله أعلم.

وقوله: ﴿طُوًى﴾ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هو اسم للوادي (٣)، وكذا قال غير واحد (٤)، فعلى هذا يكون عطف بيان، وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه، وقيل: لأنه قدس مرتين، وطوى له البركة وكررت، والأول أصح؛ كقوله: ﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦)[النازعات].

وقوله: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ﴾ كقوله: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ [الأعراف: ١٤٤] أي: على جميع الناس من الموجودين في زمانه، وقد قيل: إن الله تعالى قال: يا موسى أتدري لم خصصتك بالتكليم من بين الناس؟ قال: لا، قال: لأني لم يتواضع إلي أحد تواضعك.

وقوله: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ أي: استمع الآن ما أقول لك وأوحيه إليك،

﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا﴾ هذا أول واجب على "المكلفين" أن يعلموا أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وقوله: ﴿فَاعْبُدْنِي﴾ أي: وحّدني، وقم بعبادتي من غير شريك ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ قيل: معناه: صلِّ لتذكرني، وقيل: معناه وأقم الصلاة عند ذكرك لي، ويشهد لهذا الثاني ما قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله قال: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فليصلِّها إذا ذكرها، فإن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ " (٥)، وفي الصحيحين: عن أنس قال: قال رسول الله : "من نام عن صلاة أو نسيها فكفارتها أن يصلّيها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك" (٦).

وقوله: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ﴾ أي: قائمة لا محالة وكائنة لا بد منها.

وقوله: ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ قال الضحاك، عن ابن عباس: أنه كان يقرؤها (أكاد أخفيها من نفسي)، يقول: لأنها لا تخفى من نفس الله أبدًا (٧).


(١) كذا في (ح) و (حم) والتخريج، وفي الأصل صُحف إلى: "علي بن أبي طلحة".
(٢) قول علي أخرجه الثوري وعبد الرزاق في تفسيريهما بسند ضعيف من طريق جابر الجعفي عن علي، وجابر ضعيف، وأخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وقول أبي أيوب أخرجه البستي بسند فيه ابن لهيعة، وفيه مقال، والخبر عليه أمارات الروايات الإسرائيلية.
(٣) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٤) أخرجه الطبري وآدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ١٨٤)، وسنده صحيح.
(٦) صحيح البخاري، مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها (ح ٥٩٧)، وصحيح مسلم، المساجد، باب قضاء الصلاة الفائتة (ح ٦٨٤).
(٧) سنده ضعيف؛ لأن الضحاك لم يلقَ ابن عباس .