للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات، قاله ابن عباس (١).

وقال محمد بن كعب: هي اليد والعصا، والخمس في الأعراف والطمسة (٢) والحجر (٣).

وقال ابن عباس أيضًا ومجاهد وعكرمة والشعبي وقتادة: هي يده وعصاه والسنين ونقص الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم (٤).

وهذا القول ظاهر جلي حسن قوي، وجعل الحسن البصري السنين ونقص الثمرات واحدة، وعنده أن التاسعة هي تلقف العصا ما يأفكون (٥) ﴿فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ﴾ [الأعراف: ١٣٣] أي: ومع هذه الآيات ومشاهدتهم لها، كفروا بها ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤]، وما نجعت فيهم: فكذلك لو أجبنا هؤلاء الذين سألوا منك ما سألوا، وقالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ [الإسراء: ٩٠]، لما استجابوا ولا آمنوا إلا أن يشاء الله، كما قال فرعون لموسى وقد شاهد منه ما شاهد من هذه الآيات ﴿إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا﴾ قيل: بمعنى ساحر، والله تعالى أعلم.

فهذه الآيات التسع التي ذكرها هؤلاء الأئمة هي المراد ههنا، وهي المعنية في قوله تعالى: ﴿وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (١٢)[النمل] فذكر هاتين الآيتين العصا واليد وبيَّن الآيات الباقيات في سورة الأعراف وفصلها.

وقد أوتي موسى آيات أخر كثيرة، منها ضربُه الحجر بالعصا، وخروج الماء منه، ومنها تظليلهم بالغمام وإنزال المن والسلوى، وغير ذلك مما أوتيه بنو إسرائيل بعد مفارقتهم بلاد مصر، ولكن ذكر ههنا التسع الآيات التي شاهدها فرعون وقومه من أهل مصر، فكانت حجة عليهم فخالفوها وعاندوها كفرًا وجحودًا.

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال المرادي قال: قال يهودي لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ فقال: لا


(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية العوفي عن ابن عباس.
(٢) الطمسة هي دعاء موسى وتأمين هارون، كما في الرواية نفسها في الطبري.
(٣) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه عنعنة ابن إسحاق، وفيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي: ضعيف.
(٤) قول ابن عباس أخرجه عبد الرزاق والطبري كلاهما من طريق قتادة عن ابن عباس وقتادة لم يسمع من ابن عباس ويتقوى بما يليه. وقول مجاهد أخرجه الطبري بسند فيه الحسين وهو ابن داود: ضعيف، وقول عكرمة أخرجه أحمد بن منيع في مسنده بسند صحيح من طريق إسماعيل بن أبي خالد عنه (المطالب العالية رقم ٤٠٣٣) وقول الشعبي أخرجه مسدد في مسنده (المطالب العالية رقم ٤٠٣٢)، والطبري كلاهما بسند صحيح من طريق مغيرة عنه، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه.
(٥) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة عن الحسن.