للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِالْقِسْطَاسِ﴾ قرئ بضم القاف وكسرها (١)، كالقرطاس، وهو الميزان.

وقال مجاهد: هو العدل بالرومية (٢). وقوله: ﴿الْمُسْتَقِيمِ﴾ أي: الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف ولا اضطراب ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ أي: لكم في معاشكم ومعادكم، ولهذا قال: ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ أي: مآلا ومنقلبًا في آخرتكم.

قال سعيد، عن قتادة: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ أي: خير ثوابًا وأحسن عاقبة (٣). وأما ابن عباس كان يقول: يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين بهما هلك الناس قبلكم، هذا المكيال، وهذا الميزان، قال: وذُكر لنا أن نبي الله كان يقول: "لا يقدر رجل على حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله، إلا أبدله الله به في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما هو خير له من ذلك" (٤).

﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس يقول: لا تقل (٥). وقال العوفي عنه: لا ترم أحدًا بما ليس لك به علم (٦).

وقال محمد ابن الحنفية: يعني شهادة الزور (٧).

وقال قتادة: لا تقل رأيت ولم تر، وسمعت ولم تسمع، وعلمت ولم تعلم، فإن الله تعالى سائلك عن ذلك كله (٨).

ومضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: ﴿اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢] وفي الحديث "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" (٩).

وفي سنن أبي داود "بئس مطية الرجل زعموا" (١٠) وفي الحديث الآخر: "إن أفرى الفرى أن


(١) كلتاهما قراءتان متواترتان.
(٢) أخرجه آدم بن أبي إياس بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بالسند السابق لكن قتادة لم يسمع من ابن عباس وأما قوله: وذُكر لنا فهو قول قتادة فيكون السند مرسلًا.
(٥) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٦) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به ويشهد له سابقه.
(٧) أخرجه الطبري بسند ضعيف جدًا من طريق أبي عمر البزار، وهو حفص بن سليمان، عن محمد بن الحنفية، وأبو عمر متروك مع إمامته في القراءة.
(٨) أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عن قتادة.
(٩) أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة (صحيح البخاري، الأدب، باب ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ … ﴾ [الحجرات: ١٢] ح ٦٠٦٦، وصحيح مسلم، البر، باب تحريم الظن والتجسس ح ٢٥٦٣).
(١٠) أخرجه أبو داود من حديث أبي مسعود (السنن، الأدب، باب قول الرجل زعموا ح ٤٩٧٢)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٤١٥٨)، والسلسلة الصحيحة (ح ٨٦٦).