للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الضحاك الزبيدي، حدثنا عمرو بن الحارث، عن عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي، حدثنا الوليد بن عبد الرحمن، عن جبير بن نفير، حدثنا شداد بن أوس قال: قلنا: يا رسول الله كيف أسري بك؟ قال: "صليت لأصحابي صلاه العتمة بمكة معتمًا فأتاني جبريل بدابة أبيض أو قال: بيضاء فوق الحمار ودون البغل فقال: اركب فاستصعب عليّ فرازها (١) بأذنها ثم حملني عليها، فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث انتهى طرفها حتى بلغنا أرضًا ذات نخل، فأنزلني فقال: صلِّ فصليت ثم ركبت، فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم، قال: صليت بيثرب صليت بطيبة.

فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها عند منتهى طرفها ثم بلغنا أرضًا قال: انزل، ثم قال: صلِّ. فصليت ثم ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم، قال: صليت بمدين عند شجرة موسى، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضًا بدت لنا قصور فقال: انزل، فنزلت فقال: صلِّ. فصليت ثم ركبنا، فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم، قال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم.

ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني فأتى قِبلةَ المسجد، فربط فيه دابته ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر، فصليت من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني، فأُتيت بإنائين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل أرسل إلي بهما جميعًا، فعدلت بينهما ثم هداني الله ﷿ فأخذت اللبن فشربت حتى قرعت به جبيني (٢) وبين يدي شيخ متكئ على مثواة له فقال: أخذ صاحبك الفطرة إنه ليهدى.

ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي قلت: يا رسول الله كيف وجدتها؟ قال: وجدتها مثل الحمة (٣) السخنة، ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرًا لهم قد جمعه فلان فسلمت عليهم، فقال بعضهم: هذا صوت محمد، ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة، فأتاني أبو بكر فقال: يا رسول الله أين كنت الليلة فقد التمستك في مظانك؟ فقال: علمت أني أتيت من بيت المقدس الليلة، فقال: يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي، قال: ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا يسألني عن شيء إلا أنبأته به، فقال أبو بكر أشهد أنك لرسول الله، وقال المشركون: انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة، قال: فقال: إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا وقد أضلوا بعيرًا لهم فجمعه فلان وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغراراتان سوداوان.

فلما كان ذلك اليوم قد أشرف الناس ينظرون حين كان قريبًا من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله . هكذا رواه البيهقي من طريقين عن أبي اسماعيل الترمذي به (٤)


(١) أي: اختبرها.
(٢) أي: شرب جميع ما فيه.
(٣) أي: عين ماء حار.
(٤) دلائل النبوة ٢/ ٣٥٥ - ٣٥٧، وصحح سنده البيهقي ولا يخلو من الغرائب كالصلاة في طيبة ومدين وبيت =