للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

يؤوده شيء، فاسأله التخفيف لأُمتك، فقلت: رجعت إلى ربي حتى استحييت. ثم أصبح بمكة يخبرهم بالأعاجيب: إني أتيت البارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا وكذا، فقال أبو جهل -يعني: ابن هشام-: ألا تعجبون مما قال محمد؟ يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس، ثم أصبح فينا وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرًا ومقفلة شهرًا، فهذه مسيرة شهرين في ليلة واحدة، قال: فأخبرتهم بعير لقريش لما كنت في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا، وأنها نفرت، فلما رجعت وجدتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا، ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل: يخبرنا بأشياء، فقال رجل منهم: أنا أعلم الناس ببيت المقدس، وكيف بناؤه وهيئته، وكيف قربه من الجبل، فإن يك محمد صادقًا فسأخبركم وإن يك كاذبًا فسأخبركم، فجاء ذلك المشرك فقال: يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني: كيف بناؤه؟ وكيف هيئته؟ وكيف قربه من الجبل؟ قال: فرفع لرسول الله بيت المقدس من مقعده، فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته، قال: بناؤه كذا وكذا، وهيئته كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال الآخر: صدقت، فرجع إليهم فقال: صدق محمد فيما قال أو نحوًا من هذا الكلام (١).

وكذا رواه الإمام أبو جعفر بن جرير بطوله عن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي هارون العبدي، وعن الحسن بن يحيى، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي هارون العبدي به. ورواه أيضًا من حديث محمد ابن إسحاق حدثني روح بن القاسم عن أبي هارون به نحو سياقه المتقدم (٢)، ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه، عن أحمد بن عبدة، عن أبي عبد الصمد عبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، فذكره بسياق طويل حسن أنيق، أجود مما ساقه غيره على غرابته وما فيه من النكارة (٣). ثم ذكره البيهقي أيضًا من رواية نوح بن قيس الحداني وهشيم ومعمر، عن أبي هارون العبدي (٤) واسمه عمارة بن جوين وهو مضعف عند الأئمة.

وإنما سقنا حديثه ههنا لما فيه من الشواهد لغيره، ولما رواه البيهقي: أخبرنا الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزاز، حدثنا أبو حامد بن بلال، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا يزيد بن أبي حكيم قال: رأيت في النوم رسول الله قلت: يا رسول الله، رجل من أُمتك يقال له: سفيان الثوري لا بأس به. فقال رسول الله: "لا بأس به" حدثنا عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عنك يا رسول الله ليلة أسري بك، قلت: رأيت في السماء، فحدثته بالحديث فقال لي: "نعم" فقلت له: يا رسول الله إن ناسًا من أُمتك يحدثون عنك في المسرى بعجائب؟ قال لي: "ذلك حديث القصاص" (٥).

رواية شداد بن أوس:

قال الإمام أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن


(١) أخرجه البيهقي بسنده بنحوه (دلائل النبوة ٢/ ٣٩٠ - ٣٩٣)، وسنده ضعيف جدًا لأن أبا هارون العبدي وهو عمارة بن جوين متروك (التقريب ص ٤٠٨).
(٢) أخرجه الطبري وفي هذه الأسانيد أيضًا عمارة بن جوين.
(٣) سنده كسابقه.
(٤) دلائل النبوة ٢/ ٣٩٦.
(٥) دلائل النبوة ٢/ ٤٠٥، وفي سنده أيضًا أبو هارون عمارة بن جوين وهو متروك.