ثم صعدت إلى السماء السادسة، فإذا أنا بموسى بن عمران رجل آدم، كثير الشعر، لو كان عليه قميصان لنفذ شعره دون القميص، فإذا هو يقول: يزعم الناس أني أكرم على الله من هذا، بل هذا أكرم على الله مني. قال: قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران ﵇ ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم عليّ.
ثم صعدت إلى السماء السابعة، فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن، ساندًا ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال، قلت: يا جبريل من هذا؟ قال: هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن ﵇ ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه فسلم عليّ. وإذا أنا بأمتي شطرين: شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس، وشطر عليهم ثياب رمد قال: فدخلت البيت المعمور، ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم الثياب السود وهم على خير، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور، ثم خرجت أنا ومن معي.
قال: والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة. قال: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى، فإذا كل ورقة منها تكاد تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري يقال لها: سلسبيل فينشق منها نهران: (أحدهما): الكوثر، (والآخر): يقال له: نهر الرحمة، فاغتسلت فيه فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر.
قال: إني رفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية، فقلت: لمن أنت يا جارية؟ قالت: لزيد بن حارثة، وإذا بأنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا رمانها كالدلاء (١) عظمًا، وإذا أنا بطيرها كأنها بختكم هذه، فقال عندها ﷺ:"إن الله تعالى قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر"، قال: ثم عرضت علي النار، فإذا فيها غضب الله وزجره ونقمته، لو طرحت فيها الحجارة والحديد لأكلتها ثم أغلقت دوني.
ثم إني رفعت إلى سدرة المنتهى فتغشاني فكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى. قال: وينزل على كل ورقة منها ملك من الملائكة، قال: وفرضت علي خمسون صلاة، وقال: لك بكل حسنة عشر، فإذا هممت بالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة، فإذا عملتها كتبت لك عشرًا، وإذا هممت بالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء، فإن عملتها كُتبت عليك سيئة واحدة.
ثم رجعت إلى موسى فقال: بم أمرك ربك؟ فقلت: بخمسين صلاة. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأُمتك، فإن أُمتك لا تطيق ذلك، ومتى لا تطيقه تكفر، فرجعت إلى ربي فقلت: يا ربِّ خفف عن أُمتي، فإنها أضعف الأُمم، فوضع عني عشرًا وجعلها أربعين، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته، حتى رجعت إليه، فقال لي: بمَ أُمرت؟ فقلت: أُمرت بعشر صلوات. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأُمتك، فرجعت إلى ربي فقلت: أي رب خفف عن أُمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني خمسًا وجعلها خمسًا فناداني ملك عندها تممت فريضتي وخففت عن عبادي وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها.
ثم رجعت إلى موسى فقال: بمَ أُمرت؟ فقلت: بخمس صلوات. قال: ارجع إلى ربك فإنه لا