للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الغيب والشهادة، قلت: يا عبد الله، أي دابة البراق؟ قال: دابة أبيض طويل، هكذا خطوه مد البصر (١). ورواه أبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة، عن عاصم به (٢). ورواه الترمذي والنسائي في التفسير من حديث عاصم وهو ابن أبي النجود به. وقال الترمذي: حسن صحيح (٣).

وهذا الذي قاله حذيفة نفي وما أثبته غيره عن رسول الله من ربط الدابة بالحلقة، ومن الصلاة ببيت المقدس مما سبق وما سيأتي مقدم على قوله، والله أعلم بالصواب.

رواية أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري:

قال الحافظ أبو بكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثنا أبو محمد راشد الحماني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي أنه قال له أصحابه: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها. قال: قال الله ﷿: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١)﴾ قال: فأخبرهم، قال: "فبينما أنا نائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آتٍ فأيقظني، فاستيقظت فلم أر شيئًا، فإذا أنا بكهيئة خيال فأتبعته بصري حتى خرجت من المسجد الحرام، فإذا أنا بدابة أدنى شبهًا بدوابكم هذه، بغالكم هذه، غير أنه مضطرب الأذنين يقال له: البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي، يقع حافره عند مد بصره، فركبته، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داعٍ من يميني: يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داعٍ عن يساري: يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله، فقالت: يا محمد، انظرني أسألك، فلم ألتفت إليها ولم أقم عليها حتى أتيت بيت المقدس، فأوثقت دابتي بالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها بها.

ثم أتاني جبريل بإنائين: أحدهما خمر والآخر لبن، فشربت اللبن وأبيت الخمر، فقال جبريل: أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أُمتك، فقلت: الله أكبر الله أكبر، فقال جبريل: ما أريت في وجهك هذا؟ قال: فقلت: بينما أنا أسير إذا دعاني داعٍ عن يميني: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه، قال: ذاك داعي اليهود، أما إنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهودت أمتك، قال: فبينما أنا أسير إذ دعاني داعٍ عن يساري قال: يا محمد انظرني أسألك فلم ألتفت ولم أقم عليه، قال: ذاك داعي النصارى أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك، قال: فبينما أنا أسير إذا أنا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها، قال: تلك الدنيا، أما إنك لو أجبتها أو قمت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٣٨/ ٣٢١، ٣٢٢ ح ٢٣٢٨٥).
(٢) المسند (ح ٤١١).
(٣) سنن الترمذي، التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل (ح ٣١٤٧)، وقال الترمذي: حسن صحيح. والسنن الكبرى، التفسير، باب سورة الإسراء (ح ١١٢٨٠).