للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سلمة: سمعت جابر بن عبد الله يحدث أنه سمع رسول الله يقول: "لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس، قمت في الحِجر فجلَّى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه" (١). أخرجاه في الصحيحين من طرق عن حديث الزهري به (٢).

وقال البيهقي: حدثنا أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: إن رسول الله حين انتهى إلى بيت المقدس لقي فيه إبراهيم وموسى وعيسى، وأنه أتي بقدحين: قدح من لبن وقدح من خمر، فنظر إليهما، ثم أخذ قدح اللبن، فقال جبريل: أصبت هديت للفطرة، لو أخذت الخمر لغوت أمتك، ثم رجع رسول الله إلى مكة فأخبر أنه أسري به فافتتن ناس كثير كانوا قد صلوا معه، وقال ابن شهاب: قال أبو سلمة بن عبد الرحمن: فتجهز -أو كلمة نحوها- ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا: هل لك في صاحبك؟ يزعم أنه جاء إلى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة! فقال أبو بكر: أوَ قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: فأنا أشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: فتصدقه بأن يأتي الشام في ليلة واحدة ثم يرجع إلى مكة قبل أن يصبح؟ قال: نعم أنا أصدقه بأبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء، قال أبو سلمة: فبها سمي أبو بكر الصديق. قال أبو سلمة: فسمعت جابر بن عبد الله يحدث أنه سمع رسول الله يقول: "لما كذبتني قريش حين أسري بي إلى بيت المقدس، قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه" (٣).

رواية حُذيفة بن اليمان :

فات الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، ثنا شيبان، عن عاصم، عن زرِّ بن حبيش قال: أتيت على حُذيفة بن اليمان ، وهو يحدث عن ليلة أسري بمحمد ، وهو يقول: فانطلقا حتى أتيا بيت المقدس فلم يدخلاه، قال: قلت: بل دخله رسول الله ليلتئذ وصلى فيه، قال: ما اسمك يا أصلع؟ فأنا أعرف وجهك، ولا أدري ما اسمك، قال: قلت أنا زرُّ بن حبيش، قال: فما علمك بأن رسول الله صلَّى فيه ليلتئذ؟ قال: قلت: القرآن يخبرني بذلك، قال: فمن تكلم بالقرآن فلج (٤) اقرأ، قال: فقلت: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ قال: يا أصلع، هل تجد صلى فيه؟ قلت: لا. قال: والله ما صلى فيه رسول الله ليلتئذ، لو صلى فيه لكتبت عليكم صلاة فيه كما كتب عليكم صلاة في البيت العتيق، والله ما زايلا البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعد الآخرة أجمع، ثم عادا عودهما على بدئهما، قال: ثم ضحك حتى رأيت نواجذه. قال: ويحدثونه أنه ربطه لا يفر منه، وإنما سخره له عالم


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣/ ٣٧٧) وسنده صحيح.
(٢) صحيح البخاري، التفسير، سورة بني إسرائيل، باب ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ [الإسراء: ١] (ح ٤٧١٠)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب الإسراء برسول الله (ح ١٧٠).
(٣) أخرجه البيهقي بسنده ومتنه (دلائل النبوة ٢/ ٣٥٩، ٣٦٠)، وشطره الأول مرسل، والحديث كله له شواهد في الصحيحين بعضها تقدم وبعضها سيأتي.
(٤) أي: غلب.