للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: هي السبع الطوال، ويقال: هي القرآن العظيم (١).

وقال خُصيف، عن زياد بن أبي مريم في قوله تعالى: ﴿سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي﴾ قال: أعطيتك سبعة أجزاء آمُرْ، وأَنهَ، وأبشر، وأنذر، وأضرب الأمثال، وأعدِّد النعم، [وآتيتك] (٢) بنبأ القرآن. رواه ابن جرير (٣)، وابن أبي حاتم.

(والقول الثاني): أنها الفاتحة، وهي سبع آيات. وروي ذلك عن علي وعمر وابن مسعود وابن عباس، قال ابن عباس: والبسملة هي الآية السابعة، وقد خصَّكم الله بها (٤)، وبه قال إبراهيم النخعي، وعبد الله بن عبيد بن عُمير، وابن أبي مليكة، وشهر بن حوشب، والحسن البصري، ومجاهد (٥).

وقال قتادة: ذكر لنا أنهنَّ فاتحة الكتاب وأنهنَّ يُثنين في كل ركعة مكتوبة أو تطوع (٦). واختاره ابن جرير، واحتج بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد قدمناها في فضائل سورة الفاتحة في أول التفسير، ولله الحمد، وقد أورد البخاري ههنا حديثين:

(أحدهما): قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلَّى قال: مرَّ بي النبي وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت فأتيته، فقال: "ما منعك أن تأتيني؟ " فقلت: كنت أصلي، فقال: "ألم يقل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ﴾ [الأنفال: ٢٤] ألا أعلمك سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد" فذهب النبي ليخرج فذكرت، فقال: " ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢)[الفاتحة] هي السبع المثاني والقرآن الذي أوتيته" (٧).

(والثاني): قال: حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم" (٨).

فهذه نصٌّ في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم، ولكن لا ينافي وصف غيرها من السبع الطوال بذلك، لما فيها من هذه الصفة كما لا ينافي وصف القرآن بكماله بذلك أيضًا، كما


(١) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن مجاهد.
(٢) كذا في (مح) ونسخ الطبري المطبوعة والمحققة، وفي الأصل (وحم) والنسخ المطبوعة من تفسير ابن كثير بلفظ: "وانبئك".
(٣) أخرجه الطبري والبيهقي (شعب الإيمان ح ٢٤٢١) كلاهما من طريق عتاب بن بشير عن خُصيف به، وعتاب وخصيف كلاهما كثير الخطأ.
(٤) قول علي أخرجه الطبري بسند حسن من طريق عبد بن خير عنه، وقول ابن عباس أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه عبد العزيز بن جريج لين (التقريب ص ٣٥٦)، وقول ابن مسعود أخرجه الطبري بسند ضعيف.
(٥) هذه الأثار أخرجها الطبري بأسانيد يقوي بعضها بعضًا، وهذا القول هو الراجح كما سيأتي دليله من الأحاديث الصحيحة.
(٦) أخرجه الطبري وابن الضريس (فضائل القرآن ١٥١) كلاهما من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، وهو سند صحيح لكنه مرسل ويشهد له سابقه ولاحقه.
(٧) صحيح البخاري، التفسير، باب ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧)﴾ [الحجر] (ح ٤٧٠٣).
(٨) المصدر السابق (ح ٤٧٠٤).