للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ﴾ يعني: المشقة والأذى، كما جاء في الصحيحين: "أن الله أمرني أن أبشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب" (١).

وقوله: ﴿وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ كما جاء في الحديث: "يقال: يا أهل الجنة إن لكم أن تصحوا فلا تمرضوا أبدًا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبُّوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تقيموا فلا تظعنوا أبدًا" (٢).

وقال الله تعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (١٠٨)[الكهف].

وقوله: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)﴾ أي: أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عذاب أليم، وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة، وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف، وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال: مرَّ رسول الله على ناس من أصحابه يضحكون فقال: "اذكروا الجنة واذكروا النار"، فنزلت ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)﴾. رواه ابن أبي حاتم، وهو مرسل (٣).

وقال ابن جرير: حدثني المثنى، حدثنا إسحاق، أخبرنا ابن المكي أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا مصعب بن ثابت، حدثنا عاصم بن عبيد الله، عن ابن أبي رباح، عن رجل من أصحاب النبي قال: طلع علينا رسول الله من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة فقال: "ألا أراكم تضحكون" ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال: "إني لما خرجت جاء جبريل فقال: يا محمد إن الله يقول لك: لم تقنط عبادي؟ ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)﴾ " (٤).

وقال سعيد، عن قتادة في قوله: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩)﴾ قال: بلغنا أن رسول الله قال: "لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورَّع من حرام، ولو يعلم العبد قدر عذاب الله لبخع (٥) نفسه" (٦).

﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ (٥١) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (٥٢) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (٥٣) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (٥٤) قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (٥٥) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٥٦)﴾.

يقول تعالى: وأخبرهم يا محمد عن قصة ﴿ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾ والضيف يطلق على الواحد والجمع


(١) صحيح البخاري، العمرة، باب متى يحل المعتمر؟ (ح ١٧٩٢) وصحيح مسلم فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة (ح ٢٤٣٣).
(٢) صحيح مسلم، الجنة، باب دوام نعيم أهل الجنة (ح ٢٨٣٧).
(٣) إضافة إلى الإرسال فإن فيه موسى بن عبيدة ضعيف، ومصعب بن ثابت لين الحديث.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأن مصعب بن ثابت لين الحديث (التقريب ص ٥٣٣).
(٥) أي: قتلها غيْظًا.
(٦) أخرجه الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وسنده صحيح إلى قتادة لكنه مرسل.