للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعبادة الله وحده لا شريك له، كما أرسل الأنبياء من قبل ﴿إِلَيْهِ أَدْعُو﴾ أي: إلى سبيله أدعو الناس ﴿وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ أي: مرجعي ومصيري.

وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا﴾ أي: وكما أرسلنا قبلك المرسلين، وأنزلنا عليهم الكتب من السماء، كذلك أنزلنا عليك القرآن محكمًا معربًا، شرفناك به، وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي الذي ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)[فصلت].

وقوله: ﴿وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ﴾ أي: آراءهم ﴿بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ﴾ أي: من الله سبحانه ﴿مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ﴾ وهذا وعيد لأهل العلم أن يتبعوا سبل أهل الضلالة بعدما صاروا إليه من سلوك السنة النبوية والمحجة المحمدية، على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام.

﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (٣٨) يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩)﴾.

يقول تعالى: وكما أرسلناك يا محمد رسولًا بشريًا، كذلك قد بعثنا المرسلين قبلك بشرًا، يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، ويأتون الزوجات، ويولد لهم، وجعلنا لهم أزواجًا وذرية، وقد قال تعالى لأشرف الرسل وخاتمهم: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الكهف: ١١٠]. وفي الصحيحين أن رسول الله قال: "أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآكل [اللحم] (١)، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" (٢).

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، أنبأنا الحجاج بن أرطاة عن مكحول قال: قال أبو أيوب: قال رسول الله : "أربع من سنن المرسلين: التعطر، والنكاح، والسواك، [والختان] (٣) " (٤). وقد رواه أبو عيسى الترمذي عن سفيان بن وكيع، عن حفص بن غياث، عن الحجاج، عن مكحول، عن أبي [الشمال] (٥)، عن أبي أيوب … فذكره، ثم قال: وهذا أصح من الحديث الذي لم يذكر فيه أبو [الشمال] (٦) (٧).


(١) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "الدّسَم".
(٢) أخرجاه من حديث أنس بن مالك بنحوه (صحيح البخاري، النكاح، باب الترغيب في النكاح … ح ٥٠٦٣)، وصحيح مسلم، النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه … ح ١٤٠١).
(٣) في المسند والأصول الخطية والطبعات من تفسير ابن كثير: "الحناء"، وما أثبت هو الصواب كما جزم الحافظ المزي، وكذا رواه المحاملي عن شيخه الترمذي (نقله ابن القيم في زاد المعاد ٤/ ٢٥٢) وكذا جزم العراقي، وقد ردَّ من قال بلفظ: "الحناء" فقال: والحناء ليس من السنن ولا ذكره المصطفى في خصال الفطرة، بخلاف الختان (ينظر: فتح القدير للمناوي ١/ ٤٦٦).
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه مع الخلاف المتقدم وضعف سنده محققوه (المسند ٣٨/ ٥٥٣، ٥٥٤ ح ٢٣٥٨١)، وأخرجه عبد الرزاق من طريق الحجاج بن أرطأة بلفظ: "الختان" (المصنف رقم ١٠٣٩٠).
(٥) (٦) كذا في سنن الترمذي، وفي الأصل (حم) و (مح): "أبو السماك وهو تصحيف، وأبو الشمال مجهول (التقريب ص ٦٤٨).
(٧) أخرجه الترمذي من طريق سفيان به (السنن، النكاح، باب ما جاء في فضل التزوج والحث عليه ح ١٠٨٠)، وسنده ضعيف لجهالة أبي الشمال.