للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ورواه ابن أبي حاتم من حديث إسماعيل بن عياش، عن أرطاة بن المنذر، عن أبي الحجاج يوسف الألهاني قال: سمعت أبا أُمامة … فذكر نحوه (١).

وقد جاء في الحديث: أن رسول الله كان يزور قبور الشهداء في رأس كل حول فيقول لهم: " ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)﴾ "، وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان (٢).

﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥)﴾.

هذا حال الأشقياء وصفاتهم، وذكر ما لهم في الآخرة، ومصيرهم إلى خلاف ما صار إليه المؤمنون، كما أنهم اتصفوا بخلاف صفاتهم في الدنيا، فأولئك كانوا يوفون بعهد الله، ويصِلون ما أمر الله به أن يوصل، وهؤلاء ﴿يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ﴾، كما ثبت في الحديث: "آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان". وفي رواية: "وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر" (٣)، ولهذا قال: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ﴾ وهي الإبعاد عن الرحمة، ﴿وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ وهي سوء العاقبة والمآل، ﴿وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.

وقال أبو العالية في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ﴾ الآية، قال: هي ست خصال في المنافقين، إذا كان فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الثلاث الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا (٤).

﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (٢٦)﴾.

يذكر تعالى أنه هو الذي يوسّع الرزق على من يشاء، ويقتر على من يشاء، لما له في ذلك من الحكمة والعدل، وفرح هؤلاء الكفار بما أوتوا من الحياة الدنيا استدراجًا لهم وإمهالًا، كما قال: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦)[المؤمنون] ثم حقّر الحياة الدنيا بالنسبة إلى ما ادخره تعالى لعباده المؤمنين في الدار الآخرة، فقال: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾، كما قال: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ


(١) في سنده يوسف الألهاني سكت عنه البخاري وابن أبي حاتم كما سبق في الرواية السابق.
(٢) أخرجه الطبري مرسلًا من طريق سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم، وأخرجه البيهقي موصولًا من طريق عباد بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا (دلائل النبوة ٣/ ٣٠٦) ولكن عباد بن أبي صالح هو السمان: لين الحديث (التقريب ص ٣٠٨).
(٣) تقدم تخريج الروايتين في تفسير سورة البقرة آية ١٧٧ في تفسير آخر الآية.
(٤) لم أجد رواية أبي العالية، وإذا كان قد رواها ابن أبي حاتم فسنده واحد مكرر جيد، ولكن هذا الجزء من السورة من تفسير ابن أبي حاتم مفقود.