للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثني سعيد بن أبي أيوب، حدثنا معروف بن سويد [الجذامي] (١)، عن أبي عشانة المعافري، عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن رسول الله أنه قال: "هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء المهاجرون الذين تسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء، فيقول الله تعالى لمن يشاء من ملائكته: ائتوهم فحيوهم، فتقول الملائكة: نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء ونسلم عليهم؟ فيقول: إنهم كانوا عبادًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا، وتسد بهم الثغور، وتتقى بهم المكاره، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء،- قال:- فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)﴾ " (٢).

ورواه أبو القاسم الطبراني عن أحمد بن رشيدين، عن أحمد بن صالح، عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي عشانة سمع عبد الله بن عمرو، عن النبي قال: "أول ثلة يدخلون الجنة فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره، وإذا أمروا سمعوا وأطاعوا وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى سلطان لم تقض حتى يموت وهي في صدره، وإن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها، فيقول: أين عبادي الذين قاتلوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، وجاهدوا في سبيلي؟ ادخلوا الجنة بغير عذاب ولا حساب. وتأتي الملائكة فيسجدون ويقولون: ربنا نحن نسبحك الليل والنهار، ونقدس لك، مَنْ هؤلاء الذين آثرتهم علينا؟ فيقول الرب ﷿: هؤلاء عبادي الذين جاهدوا في سبيلي، وأوذوا في سبيلي، فتدخل عليهم الملائكة من كل باب: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)﴾ " (٣).

وقال عبد الله بن المبارك، عن بقية بن الوليد: حدثنا أرطاة بن المنذر، سمعت رجلًا من مشيخة الجند يقال له: أبو الحجاج، يقول: جلست إلى أبي أُمامة فقال: إن المؤمن ليكون متكئًا على أريكته إذا دخل الجنة، وعنده سماطان من خدم، وعند طرف السماطين باب مبوب، فيقبل الملك فيستأذن فيقول للذي يليه: ملك يستأذن، ويقول الذي يليه للذي يليه: ملك يستأذن، حتى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا، فيقول أقربهم للمؤمن: ائذنوا له، ويقول الذي يليه للذي يليه: ائذنوا له، حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب، فيفتح له، فيدخل فيسلم ثم ينصرف. رواه ابن جرير (٤).


(١) كذا في (حم) و (مح) والمسند، وفي الأصل صحف إلى: "الحداني".
(٢) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وقال محققوه: إسناده جيد (المسند ١١/ ١٣١، ١٣٢ ح ٦٥٧٠) وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند، وأخرجه ابن حبان من طريق سعيد بن أبي أيوب به (الإحسان ١٦/ ٤٣٨، ٤٣٩ ح ٧٤٢١)، وأخرجه الحاكم من طريق عمرو بن الحارث عن أبي عشانة به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٧١، ٧٢).
(٣) أخرجه الحاكم من طريق عبد الله بن وهب وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٧١) وقال الهيثمي: رجال الطبراني رجال الصحيح غير أبي عُشانة وهو ثقة. (مجمع الزوائد ١٠/ ٢٦٢).
(٤) أخرجه الطبري من طريق عبد الله بن المبارك به وسنده ضعيف لإبهام شيخ أرطأة بن المنذر، وقد صرح ابن أبي حاتم بأنه يوسف الألهاني كما في الرواية اللاحقة. ولكن يوسف هذا ترجم له البخاري (التاريخ الكبير ٨/ ٣٧٦)، وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل ٨/ ٣٥) وسكتا عنه.