للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عكرمة، عن ابن عباس ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ قال: ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء قدر الله خلو عنه (١).

وقال مجاهد: ما من عبد إلا له ملك موكل، يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما منها شيء يأتيه يريده، إلا قال له الملك وراءك، إلا شيء أذن الله فيه فيصيبه (٢).

وقال الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ قال: ذلك ملك من ملوك الدنيا، له حرس من دونه حرس (٣).

وقال العوفي، عن ابن عباس: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ يعني: ولي [السلطان] (٤) يكون عليه الحرس (٥).

وقال عكرمة في تفسيرها: هؤلاء الأمراء المواكب بين يديه ومن خلفه (٦).

وقال الضحاك (٧) في الآية: هو السلطان المحروس من أمر الله، وهم أهل الشرك، والظاهر - والله أعلم - أن مراد ابن عباس وعكرمة والضحاك بهذا أن حرس الملائكة للعبد يشبه حرس هؤلاء لملوكهم وأمرائهم.

وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير ههنا حديثًا غريبًا جدًا، فقال: حدثني المثنى، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح القشيري، حدثنا علي بن جرير، عن حماد بن سلمة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن كنانة العدوي قال: دخل عثمان بن عفان على رسول الله ، فقال: يا رسول الله أخبرني عن العبد كم معه من ملك؟ فقال: "ملك على يمينك على حسناتك، وهو أمير على الذي على الشمال، فإذا عملت حسنة كتبت عشرًا، وإذا عملت سيئة قال الذي على الشمال للذي على اليمين: أكتبها؟ قال: لا، لعله يستغفر الله ويتوب فيستأذنه ثلاث مرات، فإذا قال ثلاثًا، قال: اكتبها أراحنا الله منه فبئس القرين، ما أقل مراقبته لله وأقل استحياءه منا، يقول الله: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)[ق]، وملكان من بين يديك ومن خلفك، يقول الله تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ وملك قابض على ناصيتك، فإذا تواضعت لله رفعك، وإذا تجبرت على الله قصمك، وملكان على شفتيك ليس يحفظان عليك إلا الصلاة على محمد . وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحية في


(١) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر من طريق عكرمة به.
(٢) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق ليث، وهو ابن أبي سُليم، عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق يحيى بن يمان عن الثوري به وصححه الحافظ ابن حجر (فتح الباري ٨/ ٣٧٢).
(٤) كذا في (مح) وتفسير الطبري طبعة معالي الدكتور عبد الله التركي والطبعة القديمة، وفي الأصل و (حم): بلفظ: "الشيطان" وهو تصحيف وقد وقع هذا التصحيف في جميع الطبعات المحققة من تفسير ابن كثير سوى طبعة الحلبي التي اعتمدت نسخة دار الكتب المصرية. ومما يؤكد أنه تصحيف الروايات التالية عن عكرمة والضحاك وعكرمة وتوضيح الحافظ ابن كثير لهذه الرواية.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي به ويتقوى بما يلي.
(٦) أخرجه الطبري بسندين يقوي أحدهما الآخر عن عكرمة.
(٧) أخرجه الطبري بسند فيه شيخ الطبري لم يصرح باسمه.