للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم بعيد فأنا أبعدكم منه" (١) إِسناده صحيح.

وقد أخرج مسلم بهذا السند حديث: "إِذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إِني أسألك من فضلك" (٢).

ومعناه - والله أعلم - مهما بلغكم عني من خير فأنا أولاكم به. ومهما يكن من مكروه فأنا أبعدكم منه (٣).

﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ وقال قتادة عن عزرة، عن الحسن العرني، عن يحيى بن الجزار، عن مسروق قال: جاءت امرأة إلى ابن مسعود فقالت: تنهى عن الواصلة (٤)؟ قال: نعم، قالت: فعله بعض نسائك، فقال: ما حفظت وصية العبد الصالح إِذًا ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ (٥).

وقال عثمان بن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن أبي سليمان العتبي قال: كانت تجيئنا كتب عمر بن عبد العزيز فيها الأمر والنهي، فيكتب في آخرها وما كنت من ذلك إِلا كما قال العبد الصالح: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ (٦).

﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠)﴾.

يقول لهم: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ أي: لا تحملنكم عداوتي وبغضي على الإصرار على ما أنتم عليه من الكفر والفساد، فيصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط من النقمة والعذاب.

وقال قتادة: ﴿وَيَاقَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾ يقول: لا يحملنكم فراقي (٧).

وقال السدي: عداوتي، على أن تتمادوا في الضلال والكفر فيصيبكم من العذاب ما أصابهم (٨).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، حدثنا ابن أبي غنية، حدثني عبد الملك بن أبي سليمان، عن أبي ليلى الكندي قال: كنت مع مولاي أمسك دابته وقد أحاط الناس بعثمان بن عفان إِذ أشرف علينا من داره فقال:


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٢٥/ ٤٥٦ ح ١٦٠٥٨) وصحح سنده محققوه، وكذلك الحافظ ابن كثير.
(٢) صحيح مسلم، صلاة المسافرين وقصرها، باب ما يقول إذا دخل المسجد (ح ٧١٣).
(٣) هذا شرح للحديث قبل السابق.
(٤) الواصلة: هي المرأة التي تصل شعرها بشعر آخر، تريد طول الشعر، وتوهم أن ذلك من أصل شعرها.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن. وأخرجه الإمام أحمد مطولًا وصححه الأستاذ أحمد شاكر (المسند ح ٣٩٤٥).
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم معلقًا عن عثمان بن أبي شيبة به.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أسباط عن السدي.