للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ أي: أنهاكم عن الشيء وأخالف أنا في السر فأفعله خفية عنكم (١). كما قال قتادة في قوله: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾: يقول: لم أكن أنهاكم عن أمر وأركَبه (٢).

﴿إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ﴾ أي: فيما آمركم وأنهاكم إنما أريد إِصلاحكم جهدي وطاقتي ﴿وَمَا تَوْفِيقِي﴾ أي: في إصابة الحق فيما أريده ﴿إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ في جميع أموري ﴿وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ أي: أرجع. قاله مجاهد وغيره (٣).

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو قَزَعةَ سويد بن حُجَير الباهلي، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه أن أخاه مالكًا: قال: يا معاوية إِن محمدًا أخذ جيراني فانطلق إِليه، فإنه قد كلمك وعرفك فانطلقت معه، فقال: دع لي جيراني فقد كانوا أسلموا، فأعرض عنه فقام مغضبًا فقال: أما والله لئن فعلت إِن الناس يزعمون أنك لتأمرنا بالأمر وتخالف إِلى غيره، وجعلت أجره وهو يتكلم فقال رسول الله : "ما تقول؟ " فقال: إنك والله لئن فعلتَ ذلك إن الناس ليزعمون أنك لتأمر بالأمر وتخالف إلى غيره. قال: فقال: "أو قد قالوها؟ - أي قائلهم - ولئن فعلت ما ذاك إِلا عليَّ وما عليهم من ذلك من شيء أرسلوا له جيرانه" (٤).

وقال أحمد أيضًا: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: أخذ النبي ناسًا من قومي في تهمة، فحبسهم فجاء رجل مِن قومي إلى رسول الله وهو يخطب فقال: يا محمد علامَ تحبس جيراني؟ فصمتَ رسول الله فقال: إن ناسًا ليقولون: إِنك تنهى عن الشيء وتستخلي به، فقال النبي : "ما تقول؟ " قال: فجعلت أعرض بينهما كلامًا مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدها أبدًا، فلم يزل رسول الله حتى فهمها فقال: "قد قالوها؟ - أو قائلها منهم - واللهِ لو فعلتُ لكانَ عليَّ وما كان عليهم خلُّوا عن جيرانه" (٥).

ومن هذا القبيل الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر، حدثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري قال: سمعت أبا حميد وأبا أسيد يقولون عنه : إنه قال: "إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أن منكم قريب فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تنكره


= بحليم ولا برشيد، وقول ميمون بن مهران أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق أبي المليح، وهو الرقي، عنه بلفظ "هزوًا"، وقول ابن جريج أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه الحسين، وهو ابن داود وهو ضعيف، بلفظ: "يستهزئون"، وقول ابن أسلم، وهو عبد الرحمن، أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق عبد الله وهب عن عبد الرحمن.
(١) بعد هذا النص ورد في النسخة الأزهرية حسب طبعة الشعب: وقال الثوري: ولم أجده في الأصول التي اعتمدت عليها، بل لم أجد من أخرجه وأراه مقحمًا فلم أذكره.
(٢) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده بنحوه (المسند ٣٣/ ٢١٨ ح ٢٠٠١٤) وحسّن سنده محققوه.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٣٣/ ٢٢٣ ح ٢٠٠١٩) وحسّن سنده محققوه.