للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عكرمة: لا تقولوا لفقراء المسلمين مساكين، إنما المساكين أهل الكتاب (١).

ولنذكر أحاديث تتعلق بكل من الأصناف الثمانية. فأما الفقراء فعن ابن عمر قال: قال رسول الله : "لا تحلُّ الصدقة لغني ولا لذي مِرَّة سَوِيٍّ" (٢) رواه أحمد وأبو داود والترمذي (٣).

ولأحمد -أيضًا- والنسائي وابن ماجه، عن أبي هريرة مثله وعن عبيد الله بن عَدي بن الخيار: أن رجلين أخبراه أنهما أتيا النبي يسألانه من الصدقة، فقلب فيهما البصر فرآهما جَلدين فقال: "إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب" (٤) رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد قوي.

وقال ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل: أبو بكر العبسي قال: قرأ عمر : ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ﴾ قال: هم أهل الكتاب (٥) روى عنه عمر بن نافع سمعت أبي يقول ذلك.

(قلت): وهذا قول غريب جدًا بتقدير صحة الإسناد، فإن أبا بكر هذا وإن لم ينص أبو حاتم على جهالته لكنه في حكم المجهول.

وأما (المساكين) فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان قالوا: فمن المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئًا" (٦) رواه الشيخان.

وأما (العاملون عليها) فهم الجُباة والسُعاة يستحقون منه قسطًا على ذلك ولا يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله الذين تحرم عليهم الصدقة لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث، أنه انطلق هو والفضل بن العباس يسألان رسول الله ليستعملهما على الصدقة فقال: "إن الصدقة لا تحلُّ لمحمد ولا لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس" (٧).

وأما (المؤلفة قلوبهم) فأقسام: منهم من يُعطى ليسلم، كما أعطى النبي صفوان بن أُمية من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركًا، قال: فلم يزل يعطيني حتى صار أحبَّ الناس إليَّ بعد


= الزكاة من له الدار والخادم والفرس" (المصنف ٣/ ١٧٩) وبنحو هذا اللفظ أخرجه الطبري بسنده عن سعيد بن جبير وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى. وليس فيه: لا يعطي الأعراب منها شيئًا.
(١) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عمر بن نافع عن عكرمة، وعمر بن نافع هو الثقفي الكوفي ضعيف.
(٢) أي صاحب قوة صحيح الجسم.
(٣) المسند ١١/ ٨٤ (ح ٦٥٣٠)، وقال محققوه: إسناده قوي. وسنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب من يعطى الصدقة (ح ١٦٣٤)، وسنن الترمذي، أبواب الزكاة، باب من سأل عن ظهر غنى (ح ٦٥٢) وحسنه.
(٤) المسند ٢٩/ ٤٨٦ (ح ١٧٩٧٢)، وصحح سنده محققوه، وسنن أبي داود، الزكاة، باب من يعطى الصدقة (ح ١٦٣٣)، وسنن النسائي، الزكاة، باب إذا لم يكن له دراهم ٥/ ٩٩، وقوى سنده الحافظ ابن كثير.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عمر بن نافع الثقفي الكوفي عن أبي بكر العبسي به، وعمر بن نافع ضعيف، وأبو بكر العبسي ذكره ابن أبي حاتم وسكت عنه (الجرح ٩/ ٣٤١).
(٦) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة آية ١٧٧.
(٧) صحيح مسلم، كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة (ح ١٠٧٢).