للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أن كان أبغضَّ الناس إلي، كما قال الإمام أحمد: حدثنا زكريا بن عدي، أنبأنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن صفوان بن أُمية قال: أعطاني رسول الله يوم حُنين وإنه لأبغض الناس إليَّ، فمازال يعطيني حتى إنه لأحبُّ الناس إليَّ (١). ورواه مسلم والترمذي من حديث يونس عن الزهري به (٢).

ومنهم من يُعطى ليحسن إسلامه ويثبت قلبه، كما أعطى يوم حُنين أيضًا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم مائة من الإبل، وقال: "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه خشية أن يكبَّه الله على وجهه في نار جهنَّم" (٣).

وفي الصحيحين عن أبي سعيد أن عليًّا بعث إلى النبي بذهبية في تربتها في اليمن، فقسمها بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس، وعُيينة بن بدر، وعلقمة بن علاثة، وزيد الخير، وقال: "أتألفهم" (٤).

ومنهم من يُعطى لما يرجى من إسلام نظرائه.

ومنهم من يُعطى ليجبي الصدقات ممن يليه، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد، ومحل تفصيل هذا في كتب الفروع، والله أعلم.

وهل تعطى المؤلفة على الإسلام بعد النبي ؟ فيه خلاف:

فروي عن عمر وعامر الشعبي وجماعة: أنهم لا يُعطون بعده لأن الله قد أعزَّ الإسلام وأهله ومكَّن لهم في البلاد، وأذلَّ لهم رقاب العباد (٥).

وقال آخرون: بل يُعطون لأنه قد أعطاهم بعد فتح مكة وكسر هوازن، وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم (٦).

وأما (الرقاب) فروي عن الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير والنخعي والزهري وابن زيد أنهم المكاتبون (٧)، وروي عن أبي موسى الأشعري نحوه، وهو قول الشافعي والليث .


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٦/ ٤٦٥)، وسنده صحيح.
(٢) صحيح مسلم، الفضائل، باب ما سئل رسول الله شيئًا … (ح ٢٣١٣)، وسنن الترمذي، الزكاة، باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم (ح ٦٦٦).
(٣) أخرجه البخاري من حديث سعد بن أبي وقاص (الصحيح، الزكاة، باب قوله تعالى: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣] ح ١٤٧٨).
(٤) صحيح البخاري، الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا … ﴾ [هود: ٥٠] (ح ٣٣٤٤)، وصحيح مسلم، الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم (ح ١٠٦٤).
(٥) قول عمر أخرجه البخاري (التاريخ الصغير ١/ ٥٦) مختصرًا والطبري وابن أبي حاتم بأسانيد يقوي بعضها بعضًا وقد صحح والحافظ ابن حجر سند رواية البخاري (الإصابة ١/ ٥٥ و ٥٩) وقول عامر الشعبي أخرجه ابن أبي شيبة (المصنف ٣/ ٢٢٣)، والطبري وابن أبي حاتم بأسانيد يقوي بعضها بعضًا.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسند صحيح من طريق يونس بن عبيد بن دينار عن الحسن البصري.
(٧) قول الحسن البصري أخرجه الطبري وابن أبي شيبة (المصنف ٣/ ١٧٩)، كلاهما من طريق أشعث بن سوار، وقول مقاتل بن حيان أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق بكير بن معروف عنه، وقول ابن زيد أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن وهب عنه.