للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رواه ابن جرير والإمام أحمد، في كتابه الزهد، وابن أبي حاتم، وفيه غرابة في سياقه، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨)﴾ أي: أخرج يده من درعه بعد ما أدخلها فيه فإذا هي بيضاء تتلألأ من غير برص ولا مرض، كما قال تعالى: ﴿وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ الآية [النمل: ١٢]، وقال ابن عباس في حديث الفتون: من غير سوء يعني من غير برص ثم أعادها إلى كمه فعادت إلى لونها الأول (١)، وكذا قال مجاهد وغير واحد (٢).

﴿قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (١١٠)﴾.

أي: قال الملأ وهم الجمهور والسادة من قوم فرعون موافقين لقول فرعون فيه بعدما رجع إليه روعه واستقر على سرير مملكته بعد ذلك قال للملأ حوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ﴾ فوافقوا وقالوا كمقالته، وتشاوروا في أمره كيف يصنعون في أمره؟ وكيف تكون حيلتهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته وظهور كذبه وافترائه؟

وتخوفوا أن يستميل الناس بسحره فيما يعتقدون فيكون ذلك سببًا لظهوره عليهم وإخراجه إياهم من أرضهم والذي خافوا منه وقعوا فيه كما قال تعالى: ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: ٦]، فلما تشاوروا في شأنه وائتمروا بما فيه اتفق رأيهم على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله تعالى:

﴿قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢)﴾.

قال ابن عباس: ﴿أَرْجِهْ﴾ أخره (٣).

وقال قتادة: احبسه (٤) ﴿وَأَرْسِلْ﴾ أي: ابعث ﴿فِي الْمَدَائِنِ﴾ أي: في الأقاليم ومدائن ملكك ﴿حَاشِرِينَ﴾ أي: من يحشر لك السحرة من سائر البلاد ويجمعهم وقت كان السحر في زمانهم غالبًا كثيرًا ظاهرًا، واعتقد من اعتقد منهم، وأوهم من أوهم منهم أن ما جاء به موسى من قبيل ما تشعبذه سحرتهم فلهذا جمعوا له السحرة ليعارضوه بنظير ما أراهم من البينات كما أخبر تعالى عن فرعون حيث قال: ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَامُوسَى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (٥٨) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (٦٠)[طه] وقال تعالى ههنا:


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس كما تقدم في تفسير هذه الآية.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس، ومعناه اللغوي صحيح.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.