للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: والباء وعلى يتعاقبان يقال: رميت بالقوس وعلى القوس، وجاء على حال حسنة وبحال حسنة، وقال بعض المفسرين: معناه حريص على أن لا أقول على الله إلا الحق.

وقرأ آخرون من أهل المدينة: (حقيق عليّ) (١) بمعنى واجب وحق علي ذلك أن لا أخبر عنه إلا بما هو حق وصدق، لما أعلم من جلاله وعظيم شأنه ﴿قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: بحجة قاطعة من الله أعطانيها دليلًا على صدقي فيما جئتكم به ﴿فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ أي: أطلقهم من أسرك وقهرك، ودعهم وعبادة ربك وربهم فإنهم من سلالة نبي كريم إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن

﴿قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦)﴾ أي: قال فرعون: لست بمصدقك فيما قلت ولا بمطيعك فيما طلبت، فإن كانت معك حجة فأظهرها لنراها إن كنت صادقًا فيما ادعيت.

﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (١٠٨)﴾.

قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: ﴿ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾ الحية الذكر (٢)، وكذا قال السدي والضحاك، وفي حديث "الفتون" من رواة يزيد بن هارون، عن الأصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ﴾ فتحولت حية عظيمة فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون، فلما رآها فرعون أنها قاصدة إليه اقتحم عن سريره واستغاث بموسى أن يكفها عنه ففعل (٣).

وقال قتادة: تحولت حية عظيمة مثل المدينة (٤).

وقال السدي في قوله: ﴿فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ﴾: الثعبان الذكر من الحيات فاتحة فاها واضعة لحيها الأسفل في الأرض والأعلى على سور القصر، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذُعر منها ووثب وأحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك، وصاح يا موسى خذها وأنا أؤمن بك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذها موسى فعادت عصًا (٥)، وروي عن عكرمة عن ابن عباس نحو هذا (٦).

وقال وهب بن منبه: لما دخل موسى على فرعون قال له فرعون: أعرفك؟ قال: نعم. قال: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا﴾ [الشعراء: ١٨]؟ قال: فردّ إليه موسى الذي ردّ، فقال فرعون: خذوه فبادر موسى ﴿فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (١٠٧)﴾ فحملت على الناس فانهزموا منها، فمات منهم خمسة وعشرون ألفًا قتل بعضهم بعضًا، وقام فرعون منهزمًا حتى دخل البيت (٧)،


(١) وهي قراءة متواترة.
(٢) أخرجه الطبري بسند ثابت من طريق علي به.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق العباس بن الوليد عن يزيد به.
وسيأتي حديث الفنون بتمامه في تفسير سورة طه آية ٤٠.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق معمر عن قتادة وفيه: وقال غيره: مثل المدينة.
(٥) أخرجه الطبري بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٦) أخرجه الطبري من طريق عكرمة به ويشهد له ما سبق.
(٧) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم والإمام أحمد في الزهد (ص ٧٩) بسند حسن كلهم من طريق عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه. وهذه الروايات كلها من الإسرائيليات.