للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَاعْبُدُونِ (٢٥)[الأنبياء] وقوله تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)[الزخرف] وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل] إلى غير ذلك من الآيات.

وقد قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ فقال أبو جعفر الرازي: عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبي بن كعب في قوله: ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ قال: كان في علمه تعالى يوم أقروا له بالميثاق (١)، أي: فما كانوا ليؤمنوا لعلم الله منهم ذلك، وكذا قال الربيع بن أنس (٢)، واختاره ابن جرير.

وقال السدي: ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾ قال: ذلك يوم أخذ منهم الميثاق فآمنوا كرهًا (٣).

وقال مجاهد في قوله: ﴿فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ﴾: هذا كقوله: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: ٢٨] (٤).

﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣)﴾.

يقول تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ أي: الرسل المتقدم ذكرهم كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب صلوات الله وسلامه عليهم وعلى سائر أنبياء الله أجمعين ﴿مُوسَى بِآيَاتِنَا﴾ أي: بحججنا ودلائلنا البينة إلى فرعون، وهو ملك مصر في زمن موسى ﴿وَمَلَئِهِ﴾ أي: قومه ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾ أي: جحدوا وكفروا بها ظلمًا منهم وعنادًا، كما قال تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤)[النمل] أي: الذين صدّوا عن سبيل الله وكذبوا رسله، أي انظر كيف فعلنا بهم أغرقناهم عن آخرهم بمرأى من موسى وقومه، وهذا أبلغ في النكال بفرعون وقومه وأشفى لقلوب أولياء الله موسى وقومه من المؤمنين به.

﴿وَقَالَ مُوسَى يَافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٠٥) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٠٦)﴾.

يخبر تعالى عن مناظرة موسى لفرعون وإلجامه إياه بالحجة وإظهاره الآيات البينات بحضرة فرعون وقومه من قبط مصر، فقال تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَافِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٤)﴾ أي: أرسلني الذي هو خالق كل شيء وربه ومليكه،

﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ فقال بعضهم: معناه حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق، أي جدير بذلك وحري به.


(١) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند جيد من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية.
(٣) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن من طريق أسباط عن السدي.
(٤) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.