للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[هود] أي: لقد علمت أنه لا أَربَ لنا في النساء (١) ولا إرادة، وإنك لتعلم مرادنا من أضيافك، وذكر المفسرون أن الرجال كانوا قد استغنى بعضهم ببعض، وكذلك نساؤهم كن قد استغنين بعضهن ببعض أيضًا.

﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٨٢)﴾.

أي: ما أجابوا لوطًا إلا بأن همّوا بإخراجه ونفيه ومن معه من بين أظهرهم، فأخرجه الله تعالى سالمًا، وأهلكهم في أرضهم صاغرين مهانين.

وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ قال قتادة: عابوهم بغير عيب (٢).

وقال مجاهد: إنهم أناس يتطهرون من أدبار الرجال وأدبار النساء (٣). وروي مثله عن ابن عباس أيضًا (٤).

﴿فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (٨٣) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٨٤)﴾.

يقول تعالى: فأنجينا لوطًا وأهله ولم يؤمن به أحد منهم سوى أهل بيته فقط، كما قال تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)[الذاريات] إلا امرأته فإنها لم تؤمن به، بل كانت على دين قومها تمالئهم عليه وتعلمهم بمن يقدم عليه من ضيفانه بإشارات بينها وبينهم، ولهذا لما أمر لوط أن يسري بأهله أمر أن لا يعلمها ولا يخرجها من البلد، ومنهم من يقول: بل اتبعتهم فلما جاء العذاب التفتت هي فأصابها ما أصابهم، والأظهر أنها لم تخرج من البلد ولا أعلمها لوط بل بقيت معهم، ولهذا قال ههنا ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ أي: الباقين، وقيل من الهالكين وهو تفسير باللازم.

وقوله: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا﴾ مفسر بقوله: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)[هود] ولهذا قال: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي: انظر يا محمد كيف كان عاقبة من يجترئ على معاصي الله ﷿ ويكذب رسله.

وقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق ويُتبع بالحجارة، كما فُعل بقوم لوط.

وذهب آخرون من العلماء إلى أنه يُرجم سواء كان محصنًا أو غير محصن، وهو أحد قولي


(١) لا أَرب لنا في النساء: أي لا شهوة لنا في النساء.
(٢) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق ابن أبي عروبة عن قتادة.
(٣) أخرجه الطبري بعدة أسانيد عن مجاهد يقوي بعضها بعضًا.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ضعيف من طريق الضحاك عن ابن عباس، والضحاك لم يسمع ابن عباس، ويشهد له سابقه.