للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثقيف الذين كانوا يسكنون الطائف، قال عبد الرزاق عن معمر: أخبرني إسماعيل بن أُمية أن النبي مرَّ بقبر أبي رُغال فقال: "أتدرون من هذا؟ " قالوا الله ورسوله أعلم، قال: "هذا قبر أبي رغال رجل من ثمود كان في حرم الله فمنعه حرم الله عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن هاهنا ودفن معه غصن من ذهب، فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن" (١) وقال عبد الرزاق: قال معمر: قال الزهري: أبو رُغال أبو ثقيف هذا مرسل من هذا الوجه.

وقد روي متصلًا من وجه آخر كما قال محمد بن إسحاق: عن إسماعيل بن أُمية، عن بُجير بن أبي بُجير قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله يقول حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر، فقال: "هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف وكان من ثمود وكان بهذا الحرم فدفع عنه. فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه، فابتدره الناس فاستخرجوا منه الغصن" وهكذا رواه أبو داود، عن يحيى بن معين، عن وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه، عن ابن إسحاق به (٢)، قال شيخنا أبو الحجاج المزي: وهو حديث حسن عزيز (٣).

(قلت): تفرد بوصله بُجير بن أبي بُجير هذا، وهو شيخ لا يعرف إلا بهذا الحديث، قال يحيى بن معين: ولم أسمع أحدًا روى عنه غير إسماعيل بن أُمية، (قلت) وعلى هذا فيخشى أن يكون وهم في رفع هذا الحديث. وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو مما أخذه من الزاملتين، قال شيخنا أبو الحجاج بعد أن عرضت عليه ذلك: وهذا محتمل، والله أعلم (٤).

﴿فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ (٧٩)﴾.

هذا تقريع من صالح لقومه، لما أهلكهم الله بمخالفتهم إياه وتمردهم على الله وإبائهم عن قبول الحق وإعراضهم عن الهدى إلى العمى، قال لهم صالح ذلك بعد هلاكهم، تقريعًا وتوبيخًا وهم يسمعون ذلك، كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله لما ظهر على أهل بدر أقام هناك ثلاثًا، ثم أمر براحلته فشدّت بعد ثلاث من آخر الليل، فركبها ثم سار حتى وقف على القليب قليب بدر، فجعل يقول: "يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا". فقال له عمر: يا رسول الله ما تكلم من أقوام قد جيفوا؟ فقال: "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يجيبون" (٥).


(١) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده منقطع وسيأتي موصولًا موقوفًا حسنًا عن عبد الله بن عمرو .
(٢) سنن أبي داود، الخراج والإمارة، باب نبش القبور العادية (ح ٣٠٨٨)، وحسنه المزي (تهذيب الكمال ٤/ ١١).
(٣) تهذيب الكمال ٤/ ١١.
(٤) ذكره الحافظ ابن كثير في قصص الأنبياء (ص ٢/ ١١٣) وزاد: لكن في المرسل الذي قبله وفي حديث جابر أيضًا شاهد له. ويبقى القول أن وقفه على عبد الله بن عمرو أرجح.
(٥) تقدم تخريجه وصحته في آخر تفسير آية رقم ٤٥ من هذه السورة الكريمة.