للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وتقول العرب: أمرتك أن لا تقوم. وفي الصحيحين من حديث أبي ذرّ قال: قال رسول الله : "أتاني جبريل فبشرني أنه من مات لا يشرك بالله شيئًا من أمتك دخل الجنة"، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق"، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق"، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق وإن شرب الخمر".

وفي بعض الروايات: أن قائل ذلك إنما هو أبو ذرّ لرسول الله وأنه قال في الثالثة: "وإن رغم أنف أبي ذرّ" فكان أبو ذرّ يقول بعد تمام الحديث: "وإن رغم أنف أبي ذرّ" (١).

وفي بعض المسانيد والسنن عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله : "يقول تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني فإني أغفر لك على ما كان منك ولا أبالي، ولو أتيتني بقراب الأرض خطيئة أتيتك بقرابها مغفرة ما لم تشرك بي شيئًا، وإن أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك" (٢).

ولهذا شاهد في القرآن قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: ٤٨].

وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: "من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة" (٣).

والآيات والأحاديث في هذا كثيرة جدًا، وروى ابن مردويه من حديث عبادة وأبي الدرداء: "لا تشركوا بالله شيئًا وإن قطعتم أو صلبتم أو حرقتم" (٤).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا نافع بن يزيد، حدثني سيار بن عبد الرحمن، عن يزيد بن قوذر، عن [سلمة بن شريح] (٥)، عن عبادة بن الصامت، قال: أوصانا رسول الله بسبع خصال "ألا تشركوا بالله شيئًا وإن حرقتم وقطعتم وصلبتم" (٦).

وقوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ أي: وأوصاكم وأمركم بالوالدين ﴿إِحْسَانًا﴾ أي: أن تحسنوا إليهم كما قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: ٢٣] وقرأ بعضهم: (ووصى (٧) ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانًا) أي: أحسنوا إليهم، والله تعالى


(١) صحيح البخاري، الجنائز، باب في الجنائز (ح ١٢٣٧)، وصحيح مسلم، الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا … (ح ١٥٣ - ١٥٤).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (المسند ٣/ ٣٩٨ ح ٢١٥٠٥)، وحسنه محققوه، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (ح ١٢٧).
(٣) صحيح مسلم، الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا (ح ١٥٠).
(٤) حديث عبادة سيأتي في الذي يليه، وحديث أبي الدرداء ضعفه الحافظ ابن كثير بعد الرواية التالية.
(٥) كذا في (حم) و (مح) وفي الأصل صُحفت إلى: "سريج".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وفيه يزيد بن قوذر سكت عنه ابن أبي حاتم (الجرح ٩/ ٢٨٤)، وضعفه الحافظ ابن كثير بعد الرواية التالية.
(٧) وهي قراءة شاذة تفسيرية.