للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

صحيفة رسول الله التي عليها خاتمه فليقرأ هؤلاء الآيات ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ إلى قوله ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣] (١).

وقال الحاكم في مستدركه: حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو، حدثنا عبد الصمد بن الفضل، حدثنا مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، قال: سمعت ابن عباس يقول: في الأنعام آيات محكمات هن أم الكتاب، ثم قرأ: ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ الآيات، ثم قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه (٢). قلت: ورواه زهير وقيس بن الربيع، كلاهما عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن قيس، عن ابن عباس به، والله أعلم.

وروى الحاكم أيضًا في [مستدركه] (٣) من حديث يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله : "أيكم يبايعني على ثلاث" ثم تلا رسول الله : ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ حتى فرغ من الآيات "فمن وفّى فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئًا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخر إلى الآخرة فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه" ثم قال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وإنما اتفقا على حديث الزهري عن أبي إدريس، عن عبادة "بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا" الحديث (٤).

وقد روى سفيان بن حسين كلا الحديثين، فلا ينبغي أن ينسب إلى الوهم في أحد الحديثين إذا جمع بينهما، والله أعلم.

وأما تفسيرها فيقول تعالى لنبيه ورسوله محمد : قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله وحرموا ما رزقهم الله وقتلوا أولادهم، وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين لهم ﴿قُلْ﴾ لهم ﴿تَعَالَوْا﴾ أي: هلمّوا وأقبلوا ﴿أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ أي: أقصّ عليكم وأخبركم بما حرم ربكم عليكم حقًا لا تخرصًا ولا ظنًا بل وحيًا منه وأمرًا من عنده ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ وكأن في الكلام محذوفًا دل عليه السياق، وتقديره وأوصاكم ﴿أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا﴾ ولهذا قال في آخر الآية ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وكما قال الشاعر:

حَجّ وأوصى بسليمى الأَعْبُدا … أن لا ترى ولا تكلِّم أحدًا

ولا يزال شرابها مبرّدا (٥)


(١) أخرجه الترمذي من طريق محمد بن فضيل عن داود الأودي به وقال: هذا حديث حسن غريب (السنن، تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنعام ح ٣٠٧٠)، وسنده حسن وداود هو ابن عبد الله الأودي يروي عن الشعبي، ويروي عنه محمد بن فضيل، وهو ثقة (تهذيب التهذيب ٣/ ١٩١)، وسنده حسن.
(٢) أخرجه الحاكم بسنده ومتنه وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣١٧).
(٣) كذا في (عش) و (مح) و (حم) والمستدرك وفي الأصل صحفت إلى مسنده.
(٤) أخرجه الحاكم من طريق يزيد به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٢/ ٣١٨)، والحديث الذي اتفقا عليه البخاري ومسلم فهو في صحيح البخاري (ح ١٨) وصحيح مسلم (ح ١٧٠٩).
(٥) ذكر هذا الرجز الفراء في معاني القرن (١/ ٣٦٤)، والطبري دون أن ينسباه لأحد.