للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسن غريب صحيح (١)، وكذا رواه أبو داود من طريق ابن المبارك، ورواه ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن عتبة بن أبي حكيم (٢).

وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر، عن الجسن أن ابن مسعود ، سأله رجل عن قول الله: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾، فقال: إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها، تأمرون فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال: فلا يقبل منكم، فحينئذٍ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل (٣).

ورواه أبو جعفر الرازي عن الربيع، عن أبي العالية، عن ابن مسعود في قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ﴾ الآية، قال: كانوا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فكان بين رجلين بعض ما يكون بين الناس، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، فقال رجل من جلساء عبد الله: ألا أقوم فآمرهما بالمعروف، وأنهاهما عن المنكر؟ فقال آخر إلى جنبه: عليك بنفسك، فإن الله يقول: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية. قال: فسمعها ابن مسعود، فقال: مه لم يجئ تأويل هذه بعد، إن القرآن أنزل حيث أنزل، ومنه آي قد مضى تأويلهن قبل أن ينزلن، ومنه أَي قد وقع تأويلهن على عهد رسول الله ومنه أَي قد وقع تأويلهن بعد النبي بيسير، ومنه آي يقع تأويلهن بعد اليوم، ومنه آي يقع تأويلهن عند الساعة على ما ذكر من الساعة، ومنه آي يقع تأويلهن يوم الحساب على ما ذكر من الحساب والجنة والنار، فما دامت قلوبكم واحدة، وأهواؤكم واحدة، ولم تلبسوا شيعًا، ولم يذق بعضكم بأس بعض، فأمروا وانهوا، وإذا اختلفت القلوب والأهواء، وأُلبستم شيعًا، وذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ ونفسه، وعند ذلك جاءنا تأويل هذه الآية (٤)، ورواه ابن جرير.

وقال ابن جرير: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا الربيع بن صَبيح، عن سفيان بن عقال قال: قيل لابن عمر: لو جلست في هذه الأيام، فلم تأمر ولم تنه، فإن الله قال: ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ فقال ابن عمر: إنها ليست لي ولا لأصحابي، لأن رسول الله قال: "ألا فليبلغ الشاهد الغائب" فكنا نحن الشهود وأنتم الغيب، ولكن هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا إن قالوا لم يقبل منهم (٥).


(١) سنن الترمذي، تفسير القرآن، باب ومن سورة المائدة (ح ٣٠٥٨).
(٢) سنن أبي داود، الملاحم، باب الأمر والنهي (ح ٤٣٤١)، وسنن ابن ماجه، الفتن، باب قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ. . .﴾ (ح ٤٠١٤)، وتفسير الطبري وابن أبي حاتم، وفي سنده عتبة بن أبي حكيم: وهو صدوق يخطيء كثيرًا (التقريب ص ٣٨٠)، وأخرجه الحاكم من طريق عتبة به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٣٢٢)، وقال الألباني: إسناده ضعيف ولبعضه شواهد (مشكاة المصابيح ح ٥١٤٤).
(٣) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده منقطع لأن الحسن لم يسمع من ابن مسعود، ولكن تابعه أبو العالية في الرواية التالية فيقوي أحدهما الآخر وإن لم يسمع أبو العالية من ابن مسعود.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سعيد بن سابق عن أبي جعفر الرازي به، وسنده ضعيف للانقطاع بين ابن مسعود وأبي العالية ويتقوى بسابقه.
(٥) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده الربيع بن صَبيح: وهو صدوق سيء الحفظ (التقريب ص ٢٠٦)، ويشهد له ما تقدم.