للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أيضًا: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم، قالا: حدثنا عوف، عن سوار بن شبيب قال: كنت عند ابن عمر إذ أتاه رجل جليد العين شديد اللسان، فقال: يا أبا عبد الرحمن، نفر ستة كلهم قد قرأ القرآن فأسرع فيه، وكلهم مجتهد لا يألو، وكلهم بغيض إليه أن يأتي دناءة، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك، فقال رجل من القوم: وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهد بعضهم بالشرك؟ فقال رجل؛ إني لست إياك أسأل، إنما أسأل الشيخ، فأعاد على عبد الله الحديث فقال عبد الله: لعلك ترى - لا أبا لك - أني سآمرك أن تذهب فتقتلهم، عظهم وانههم، وإن عصوك فعليك بنفسك، فإن الله ﷿ يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ الآية (١).

وقال أيضًا: حدثني أحمد بن المقدام، حدثنا المعتمر بن سليمان، سمعت أبي، حدثنا قتادة عن أبي مازن قال: انطلقت على عهد عثمان إلى المدينة، فإذا قوم من المسلمين جلوس، فقرأ أحدهم هذه الآية ﴿عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ﴾ فقال أكثرهم: لم يجئ تأويل هذه الآية اليوم (٢).

وقال: حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا ابن فضالة، عن معاوية بن صالح، عن جبير بن نفير قال: كنت في حلقة فيها أصحاب رسول الله ، وإني لأصغر القوم، فتذاكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقلت أنا: أليس الله يقول في كتابه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾؟ فأقبلوا عليّ بلسان واحد، وقالوا: تنزع آية من القرآن لا تعرفها ولا تدري ما تأويلها؟ فتمنيت أني لم أكن تكلمت، وأقبلوا يتحدثون فلما حضر قيامهم قالوا: إنك غلام حدث السن، وإنك نزعت آية ولا تدري ما هي، وعسى أن تدرك ذلك الزمان، إذا رأيت شحًا مطاعًا وهوىً متبعًا وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك، لا يضرك من ضل إذا اهتديت (٣).

وقال ابن جرير: حدثنا علي بن سهل، حدثنا ضمرة بن ربيعة قال: تلا الحسن هذه الآية ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ فقال الحسن: الحمد لله بها، والحمد لله عليها، ما كان مؤمن فيما مضى ولا مؤمن فيما بقي إلا وإلى جنبه منافق يكره عمله (٤).

وقال سعيد بن المسيب: إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، فلا يضرك من ضل إذا اهتديت (٥)، رواه ابن جرير. وكذا روي من طريق سفيان الثوري، عن أبي العميس، عن أبي


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده سوّار بن شبيب مسكوت عنه سكت عنه ابن أبي حاتم الجرح ٢/ ٢٧٠) والبخاري (التاريخ الكبير ٢/ ١٦٨)، وانفرد بتوثيقه ابن حبان في الثقات.
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده أبو مازن مسكوت عنه أيضًا كما في الجرح (٩/ ٤٤٤)، فإنه اقتصر على قوله: كان من صلحاء الأزد، ويشهد له ما تقدم عن ابن مسعود.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وفي سنده الحسين وهو ابن داود المُلقّب بسُنيد وهو ضعيف. ويشهد له أيضًا ما تقدم عن ابن مسعود.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف فيه ابن حميد وهو محمد بن حميد الرازي وهو ضعيف، ويشهد له حديث أبي بكر المتقدم في بداية هذه الآية.