للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له الله ﷿: يا قابيل أين أخوك هابيل؟ قال: ما أدري ما كنت عليه رقيبًا، فقال الله: إن صوت دم أخيك ليناديني من الأرض الآن، أنت ملعون في الأرض التي فتحت فاها فتلقت دم أخيك من يدك، فإن أنت عملت في الأرض فإنها لا تعود تعطيك حرثها حتى تكون فزعًا تائهًا في الأرض (١).

وقوله: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ قال الحسن البصري: علاه الله بندامة بعد خسران، فهذه أقوال المفسرين في هذه القصة، وكلهم متفقون على أن هذين ابنا آدم لصلبه، كما هو ظاهر القرآن، وكما نطق به الحديث في قوله: "إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل" (٢).

وهذا ظاهر جلي، ولكن قال ابن جرير: حدثنا ابن وكيع، حدثنا سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن هو البصري، قال: كان الرجلان اللذان في القرآن اللذان قال الله: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ﴾ من بني إسرائيل، ولم يكونا ابني آدم لصلبه، وإنما كان القربان من بني إسرائيل وكان آدم أول من مات (٣)، وهذا غريب جدًّا، وفي إسناده نظر.

وقد قال عبد الرزاق: عن معمر، عن الحسن، قال: قال رسول الله : "إن ابني آدم ضربا لهذه الأمة مثلًا، فخذوا بالخير منهما" (٤). ورواه ابن المبارك، عن عاصم الأحول، عن الحسن، قال: قال رسول الله : "إن الله ضرب لكم ابني آدم مثلًا، فخذوا من خيرهم ودعوا شرهم" (٥)، وكذا أرسل هذا الحديث بكر بن عبد الله المزني (٦)، روى ذلك كله ابن جرير.

وقال سالم بن أبي الجعد: لما قتل ابن آدم أخاه مكث آدم مائة سنة حزينًا لا يضحك، ثم أتى فقيل له: حياك الله وبياك؛ أي: أضحكك (٧)، رواه ابن جرير، ثم قال: حدثنا ابن حميد، حدثنا سلمة، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي إسحاق الهمداني قال: قال علي بن أبي طالب لما قتل ابن آدم أخاه بكاه آدم فقال:

تغيَّرت البلاد ومَن عليها … فلونُ الأرض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون وطعم … وقلّ بشاشة الوجه المليح

فأُجب آدم :


(١) أخرجه الطبري من طريق ابن حميد عن سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق وسنده ضعيف ومتنه من الإسرائيليات الصريحة المنقولة من أهل التوراة.
(٢) تقدم تخريجه في الصحيحين قبل بضع صفحات.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف سفيان بن وكيع، وضعف عمر وهو ابن عبيد، ومتنه يخالف الحديث الصحيح السابق.
(٤) أخرجه عبد الرزاق بسنده ومتنه، وسنده صحيح لكنه مرسل.
(٥) أخرجه الطبري من طريق ابن المبارك به وسنده مرسل أيضًا.
(٦) أخرجه الطبري من طريق معتمر بن سليمان عن أبيه عن بكر به وسنده مرسل أيضًا.
(٧) أخرجه الطبري من طريق حسام بن المِصَك عن عمار الدهني عن سالم به، وسنده ضعيف لضعف حسام بل كاد أن يترك (التقريب ص ١٥٧).