للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدث عن عبد الله بن عمرو أنه كان يقول: إن أشقى الناس رجلًا ابن آدم الذي قتل أخاه، ما سفك دم في الأرض منذ قتل أخاه إلى يوم القيامة إلا لحق به منه شر، وذلك أنه أول من سن القتل (١).

وقال إبراهيم النخعي: ما من مقتول يقتل ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول والشيطان كفل منه (٢)، ورواه ابن جرير أيضًا.

وقوله تعالى: ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)﴾ قال السدي بإسناده المتقدم إلى الصحابة : لما مات الغلام تركه بالعراء، ولا يعلم كيف يدفن، فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا، فقتل أحدهما صاحبه، فحفر له ثم حثى عليه، فلما رآه قال: ﴿يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي﴾ (٣).

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قال: جاء غراب إلى غراب ميت، فحثى عليه من التراب حتى واراه، فقال الذي قتل أخاه: ﴿يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي﴾ (٤).

وقال الضحاك، عن ابن عباس: مكث يحمل أخاه في جراب على عاتقه سنة حتى بعث الله الغرابين، فرآهما يبحثان، فقال: ﴿أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ﴾ فدفن أخاه (٥).

وقال [ليث] (٦) بن أبي سليم، عن مجاهد: كان يحمله على عاتقه مائة سنة ميتًا لا يدري ما يصنع به، يحمله ويضعه إلى الأرض حتى رأى الغراب يدفن الغراب، فقال: ﴿يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾ (٧) رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.

وقال عطية العوفي: لما قتله ندم فضمه إليه حتى أروح، وعكفت عليه الطيور والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله، رواه ابن جرير (٨).

وروى محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول: لما قتله سقط في يده، أي ولم يدر كيف يواريه، وذلك أنه كان فيما يزعمون أول قتيل في بني آدم، وأول ميت ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٣١)﴾. قال: وزعم أهل التوراة أن قابيل لما قتل أخاه هابيل، قال


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لثلاث علل: الأولى: ابن حميد هو محمد بن حميد الرازي: ضعيف، ومحمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع، وحكيم لم يسمع من عبد الله بن عمرو.
(٢) أخرجه الطبري بسند فيه سفيان بن وكيع: ضعيف ويشهد له الحديث السابق والمتفق عليه.
(٣) أخرجه الطبري وتقدم بيان ضعفه بخلط السدي.
(٤) أخرجه الطبري بسند ثابت عن ابن أبي طلحة به.
(٥) أخرجه الطبري بسند ضعيف عن الضحاك، لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(٦) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل صحف إلى: "ليس".
(٧) أخرجه الطبري من طريق ليث به وليث فيه مقال.
(٨) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق عطية به.