للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن حصين، عن الشعبي، عن الحارث، عن علي قال: إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردّية والنطيحة، وهي تحرك يدًا أو رجلًا فكلها (١). وهكذا [روي] (٢) عن طاوس والحسن وقتادة وعبيد بن عمير والضحاك وغير واحد: أن المذكاة متى تحركت بحركة تدل على بقاء الحياة فيها بعد الذبح، فهي حلال (٣)، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل.

قال ابن وهب: سئل مالك عن الشاة التي يخرق جوفها السبع حتى تخرج أمعاؤها، فقال مالك: لا أرى أن تذكى أي شيء يذكى منها (٤)؟

وقال أشهب: سئل مالك عن الضبع يعدو على الكبش فيدقّ ظهره، أترى أن يذكى قبل أن يموت فيؤكل؟ فقال: إن كان قد بلغ السُّحْرة فلا أرى أن يؤكل، وإن كان أصاب أطرافه فلا أرى بذلك بأسًا، قيل له: وثب عليه فدقّ ظهره؟ فقال: لا يعجبني هذا لا يعيش منه. قيل له: فالذئب يعدو على الشاة فيثقب بطنها ولا يثقب الأمعاء؟ فقال: إذا شق بطنها فلا أرى أن تؤكل (٥).

هذا مذهب مالك . وظاهر الآية عام فيما استثناه مالك من الصورة التي بلغ الحيوان فيها إلى حالة لا يعيش بعدها فيحتاج إلى دليل مخصص للآية، والله أعلم.

وفي الصحيحين عن رافع بن خديج أنه قال: قلت: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدًا وليس معنا مُدى، أفنذبح بالقصب؟ فقال: "ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكلوه، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك: أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة" (٦).

وفي الحديث الذي رواه الدارقطني مرفوعًا، وفيه نظر، وروي عن عمر موقوفًا وهو أصح "ألا إن الذكاة في الحلق واللّبّة، ولا تعجلوا الأنفس أن تزهق" (٧).

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن من رواية حماد بن سلمة، عن أبي العشراء الدارمي، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، أما تكون الذكاة إلا من اللّبّة والحلق؟ فقال: "لو


(١) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأخرجه ابن حزم من طريق هشيم به (المحلى ٨/ ١٩٤)، وفي سنديهما الحارث وهو: الأعور الهمداني تُكلم فيه وكذبه الشعبي كما في التقريب. وقد توبع كما في الرواية السابقة.
(٢) كذا في (حم) و (مح)، وفي الأصل: "رواه".
(٣) قول طاوس أخرجه عبد الرزاق عن ابن طاوس عن طاوس به (المصنف رقم ٨٦٣٣)، وقول قتادة أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن معمر عنه في تفسير ومصنفه رقم (٨٦٣٥)، وقول الحسن أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن فضيل عن أشعث عنه (كما في التمهيد لابن عبد البر ٥/ ١٤٩)، وقول عبيد بن عمير أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن جريج عن أبي الزبير عنه (المصنف رقم ٨٦٣٨)، وقول الضحاك أخرجه الطبري بسند فيه شيخه لم يسم، وأخرجه ابن أبي شيبة موصولًا لكن فيه جويبر: متروك.
(٤) أخرجه الطبري عن يونس عن ابن وهب به وسنده صحيح.
(٥) أخرجه الطبري عن يونس عن أشهب به وسنده صحيح.
(٦) تقدم تخريجه في تفسير هذه الآية.
(٧) أخرجه الدارقطني بسند فيه سعيد بن سلام العطار ضعيف ومتهم (لسان الميزان ٣/ ٣٧)، وقد أخرجه سعيد بن منصور بسند صحيح عن ابن عباس نحوه (فتح الباري ٩/ ٦٤١).