للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه، فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر قال: فدنوت منه فقلت: أنشدك بالله، آنت سمعت هذا من رسول الله ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه، وقال: سمعته أذناي، ووعاه قلبي، فقلت له: هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، ونقتل أنفسنا، والله تعالى يقول: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: ٢٩] قال: فسكت ساعة، ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله (١). والأحاديث في هذا كثيرة.

وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن الفضل، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ قال: بعث رسول الله سرية عليها خالد بن الوليد وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريبًا منهم عرّسوا وأتاهم [ذو العُيينتين] (٢) فأخبرهم، فأصبحوا قد هربوا غير رجل فأمر أهله فجمعوا متاعهم، ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد، فسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال: يا أبا اليقظان، إني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدًا، وإلا هربت؟ قال عمار: بل هو ينفع فأقم، فأقام، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدًا غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله، فبلغ عمارًا الخبر، فأتى خالدًا فقال: خل عن الرجل فإنه قد أسلم وإنه في أمان مني، فقال خالد: وفيم أنت تجير؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي فأجاز أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير، فاستبا عند رسول الله فقال خالد: أتترك هذا العبد الأجدع يسبني، فقال رسول الله : "يا خالد لا تسب عمارًا فإنه من يسب عمارًا يسبه الله، ومن يبغضه يبغضه الله، ومن يلعن عمارًا يلعنه الله" فغضب عمار فقام فتبعه خالد فأخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي عنه، فأنزل الله ﷿ قوله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (٣) وهكذا رواه ابن أبي حاتم من طريق، عن السدي مرسلًا، ورواه ابن مردويه من رواية الحكم بن ظُهير، عن السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس … فذكره بنحوه (٤)، والله أعلم.

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ يعني: أهل الفقه والدين (٥).

وكذا قال مجاهد وعطاء والحسن البصري وأبو العالية: ﴿وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ يعني: العلماء (٦).


(١) صحيح مسلم، الإمارة، (ح ١٨٤٤).
(٢) كذا في (حم) و (مح) وتفسير الطبري، وفي الأصل: "ذو العينين" وهو تصحيف.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده حسن لكنه مرسل.
(٤) سنده ضعيف جدًّا بسبب الحكم بن ظُهير متروك رمي بالرفص واتهمه ابن معين (التقريب ص ١٧٥).
(٥) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ص ٧٣ بسند ثابت عن علي بن أبي طلحة به.
(٦) ذكرهم ابن أبي حاتم جميعًا بحذف السند إلا قول مجاهد فقد أسنده، وقول مجاهد أخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب بسند صحيح من طريق الأعمش عن مجاهد (كتاب العلم ص ١٢٤)، وقول الحسن أخرجه عبد الرزاق =