للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: الحكام بين الناس (١)، وفي الحديث: "إن الله مع الحاكم ما لم يجر فإذا جار وكله الله إلى نفسه" (٢)، وفي الأثر: "عدل يوم كعبادة أربعين سنة".

وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ أي: يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة. وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ أي: سميعًا لأقوالكم، بصيرًا بأفعالكم، كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، حدثنا عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: رأيت رسول الله وهو يُقْري هذه الآية ﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ يقول: "بكل شيء بصير" (٣).

وقد قال ابن أبي حاتم: أخبرنا يحيى بن عبدك القزويني، أنبأنا المقري - يعني: أبا عبد الرحمن عبد الله بن يزيد -، حدثنا حرملة - يعني: ابن عمران التجيبي المصري -، حدثني أبو يونس، سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ ويضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ويقول: هكذا سمعت رسول الله يقرؤها ويضع إصبعيه. قال أبو زكريا: وصفه لنا المقري، ووضع أبو زكريا إبهامه اليمنى على عينه اليمنى، والتي تليها على الأذن اليمنى، وأرانا فقال: هكذا وهكذا (٤).

رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه (٥)، وابن مردويه في تفسيره من حديث أبي عبد الرحمن المقري بإسناده نحوه. وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة واسمه سليم بن جبير.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)﴾.

قال البخاري: حدثنا صدقة بن الفضل، حدثنا حجاج بن محمد الأعور، عن ابن جريج، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾


(١) ذكره ابن أبي حاتم ونسبه للمذكورين بحذف السند، وقول زيد بن أسلم أخرجه ابن أبي شيبة بسند حسن من طريق أبي مكين عنه (المصنف ١٢/ ٢٢٢ رقم ١٢٦٠٩).
(٢) أخرجه الترمذي بنحوه من حديث عبد الله بن أبي أوفى (السنن، الأحكام، باب ما جاء في الإمام العادل ح ١٣٢٩)، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وكذا أخرجه ابن ماجه (السنن، الأحكام، باب التغليط في الحيف والرشوة (ح ٢٣١٢)، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح ١٨٧٠)، وأخرجه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك ٤/ ٩٣).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف بسبب تفرد ابن لهيعة وعدم تصريحه بالسماع.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ثابت كما يلي:
(٥) سنن أبي داود، السنة، باب في الجهمية (ح ٤٧٢٨)، والإحسان (ح ٢٦٥)، والمستدرك ١/ ٢٤، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه اللالكائي (شرح أصول الاعتقاد ٣/ ٦٨٨)، وقال الحافظ ابن حجر: سنده قوي على شرط مسلم (الفتح ١٣/ ٣٧٣)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٩٥٤).