للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله، اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك، فقال رسول الله : "أين عثمان بن طلحة؟ " فدعي له، فقال له: "هاك مفتاحك يا عثمان، اليوم يوم وفاء وبر" (١).

قال ابن جرير: حدثني القاسم، حدثنا الحسين، عن حجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا … ﴾، قال: نزلت في عثمان بن طلحة، قبض منه رسول الله مفتاح الكعبة فدخل في البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ الآية، فدعا عثمان إليه فدفع إليه المفتاح، قال: وقال عمر بن الخطاب لما خرج رسول الله من الكعبة وهو يتلو هذه الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ فداه أبي وأمي ما سمعته يتلوها قبل ذلك (٢). حدثنا القاسم، حدثنا الحسين، حدثنا الزنجي بن خالد، عن الزهري قال: دفعه إليه، وقال: "أعينوه" (٣).

وروى ابن مردويه من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس في قوله ﷿: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ قال: لما فتح رسول الله مكة دعا عثمان بن طلحة، فلما أتاه قال: "أرني المفتاح" فأتاه به، فلما بسط يده إليه قام إليه العباس، فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، اجمعه لي مع السقاية، فكف عثمان يده، فقال رسول الله : "أرني المفتاح يا عثمان" فبسط يده يعطيه، فقال العباس مثل كلمته الأولى، فكف عثمان يده. ثم قال رسول الله : "يا عثمان إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فهاتني المفتاح" فقال: هاك بأمانة الله، قال: فقام رسول الله ففتح باب الكعبة، فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها، فقال رسول الله : "ما للمشركين قاتلهم الله، وما شأن إبراهيم وشأن القداح" ثم دعا بجفنة فيها ماء، فأخذ ماء فغمسه فيه، ثم غمس به تلك التماثيل، وأخرج مقام إبراهيم وكان في الكعبة، فألزقه في حائط الكعبة، ثم قال: "يا أيها الناس هذه القبلة"، قال: ثم خرج رسول الله فطاف في البيت شوطًا أو شوطين ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح، ثم قال رسول الله : " ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ " حتى فرغ من الآية (٤).

وهذا من المشهورات أن هذه الآية نزلت في ذلك، وسواء كانت نزلت في ذلك أو لا، فحكمها عام، ولهذا قال ابن عباس ومحمد بن الحنفية: هي للبر والفاجر (٥)؛ أي: هي أمر لكل أحد.

وقوله: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس، ولهذا قال محمد بن كعب وزيد بن أسلم وشهر بن حوشب: إن هذه الآية إنما نزلت في الأمراء،


(١) سنده منقطع وهو في سيرة ابن هشام (٤/ ١٢٥٤).
(٢) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف الحسين وهو سنيد، وإرسال ابن جريج.
(٣) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وهو كسابقه وفيه أيضًا إرسال الزهري.
(٤) في سنده الكلبي وقد صرح بأن روايته عن أبي صالح عن ابن عباس كذب كما في تهذيب التهذيب في ترجمة محمد بن السائب الكلبي.
(٥) تقدم تخريج قول ابن عباس في الصفحة السابقة.