للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عمر، قال: قرأ رجل عند عمر هذه الآية ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ فقال عمر: أعدها علي، فأعادها، فقال معاذ بن جبل: عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعتُ رسول الله (١)، وقد رواه ابن مردويه عن محمد بن أحمد بن إبراهيم، عن عبدان بن محمد المروزي، عن هشام بن عمار به (٢). ورواه من وجه آخر بلفظ آخر، فقال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن عمران، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا نافع أبو هرمز، حدثنا نافع عن ابن عمر، قال: تلا رجل عند عمر هذه الآية: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ … ﴾ الآية، قال: فقال عمر: أعدها علي، وثم كعب، فقال: أنا عندي تفسير هذه الآية قرأتها قبل الإسلام قال: فقال: هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صدقناك، وإلا لم ننظر إليها، فقال: إني قرأتها قبل الإسلام: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت من رسول الله (٣). وقال الربيع بن أنس: مكتوب في الكتاب الأول: أن جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وسنه تسعون ذراعًا، وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه، فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودًا غيرها (٤).

وقد ورد في الحديث ما هو أبلغ من هذا، قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا أبو يحيى الطويل، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي قال: "يعظم أهل النار في النار حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذرعًا، وإن ضرسه مثل أُحد" (٥) تفرد به أحمد من هذا الوجه، وقيل: المراد بقوله: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ أي: سرابيلهم، حكاه ابن جرير (٦). وهو ضعيف لأنه خلاف الظاهر.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ هذا إخبار عن مآل السعداء في جنات عدن التي تجري فيها الأنهار في جميع فجاجها، ومحالها وأرجائها حيث شاءوا وأين أرادوا وهم خالدون فيها أبدًا لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولًا.

وقوله: ﴿لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ أي: من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة، والصفات الناقصة، كما قال ابن عباس: مطهرة من الأقذار والأذى (٧). وكذا قال عطاء والحسن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لأنه لم يصرح باسم شيخه، وكذلك نافع: متروك الحديث (لسان الميزان ٦/ ١٤٧).
(٢) سنده كسابقه بسبب نافع مولى يوسف السلمي.
(٣) سنده كسابقه بسبب نافع أبي هرمز وهو نفسه مولى يوسف السلمي.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع به، والروايه صريحة أَنها من الإسرائيليات.
(٥) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٨/ ٤١٩ ح ٤٨٠٠)، في سنده أبو يحيى الفتات لين الحديث (التقريب ٦٨٤)، وضعف إسناده محققوه. ولقوله: وإن ضرسه مثل أُحد، شاهد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة (الصحيح، الجنة وصفة نعيمها ح ٢٨٥١).
(٦) ذكره الطبري بدون إسناد لأحد (التفسير ٧/ ١٦٦).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسند ثابت من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس.