للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضحاك والنخعي وأبو صالح وعطية والسدي (١).

وقال مجاهد: مطهرة من البول والحيض والنخام والبزاق والمني والولد (٢).

وقال قتادة: مطهرة من الأذى والمآثم، ولا حيض ولا كلف (٣).

وقوله: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا﴾ أي: ظلًا عميقًا كثيرًا غزيرًا طيبًا أنيقًا. قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، حدثنا عبد الرحمن، وحدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبي هريرة، عن النبي ، قال: "إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها؛ شجرة الخلد" (٤).

﴿* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)﴾.

يخبر تعالى أنه يأمر بأداء الأمانات إلى أهلها. وفي حديث الحسن، عن سمرة أن رسول الله قال: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك" رواه الإمام أحمد وأهل السنن (٥)، وهذا يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله ﷿ على عباده من الصلوات والزكوات والصيام والكفارات والنذور وغير ذلك مما هو مؤتمن عليه ولا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك مما يأتمنون به بعضهم على بعض من غير اطلاع بينة على ذلك، فأمر الله ﷿ بأدائها، فمن لم يفعل ذلك في الدنيا أخذ منه ذلك يوم القيامة، كما ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله قال: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء" (٦).

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود، قال: إن الشهادة تكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بالرجل يوم القيامة، وإن كان قتل في سبيل الله، فيقال: أد أمانتك، فيقول: فأنى أؤديها وقد ذهبت الدنيا؟ فتمثل له الأمانة في قعر جهنم فيهوي إليها فيحملها على عاتقه، قال: فتنزل عن عاتقه فيهوي على أثرها أبد الآبدين. قال زاذان: فأتيت البراء فحدثته، فقال: صدق أخي: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ (٧).

وقال سفيان الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن رجل، عن ابن عباس في الآية، قال: هي مبهمة


(١) ذكرهم كلهم ابن أبي حاتم بحذف السند.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق سعيد بن أبي عروبة وأبان عن قتادة.
(٤) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وأصله في الصحيحين بدون لفظ: "شجرة الخلد".
(٥) أخرجه الإمام أحمد من طريق يوسف بن ماهك عن رجل عن أبيه (المسند ٣/ ٤١٤)، وكذا أخرجه أبو داود في السنن، الإجازة، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده (ح ٣٥٣٤)، والترمذي في السنن (ح ١٢٦٤)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٧٠)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (ح ٣٠١٨).
(٦) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعًا (الصحيح، البر والصلة، باب تحريم الظلم ح ٢٥٨٢).
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده حسن.